تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قَالَ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلۡمَلَؤُاْ أَيُّكُمۡ يَأۡتِينِي بِعَرۡشِهَا قَبۡلَ أَن يَأۡتُونِي مُسۡلِمِينَ} (38)

[ الآية 38 ] ثم قال سليمان عليه الصلاة والسلام : { يا أيها الملأ } إنما خاطب به أشراف قومه . وهكذا العادة في الملوك أنهم إذا خاطبوا أحدا بشيء إنما يخاطبون أهل الشرف والمنزلة منهم { أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين } قال بعض أهل التأويل : إنما قال هذا لأنه علم ، نبي الله ، أنهم متى{[15012]} أسلموا تحرم أموالهم مع دمائهم ، فأحب أن يؤتى به قبل أن يكون ذلك عليه .

لكن هذا محال بعيد وحش من القول ؛ لا يحتمل أن تكون رغبة سليمان في الأموال هذا الذي ذكر بعدما رد هداياها إليها ، وأخبر أنكم تفرحون بها لأنكم أهل دنيا ؛ إذ رغبة أهل الدنيا في الأموال ، ونحن ، أهل الدين ، رغبتنا في الدين ، به نفرح ، ويستعجل كل هذا الاستعجال رغبة في مالها وعرشها .

لكنه ، والله أعلم ، يخرج على وجهين :

أحدهما : أنه أراد أن يريهم قوته وسلطانه : أن يرفع واحد من جنوده عرشها مع عظمه بمعاينة منهم ومشاهدة ، وحمله من بينهم ، ليعلموا إن من قدر على هذا لقادر أن يأتيهم بجنود ، لا طاقة لهم [ بها ]{[15013]} تصديقا لما قال : { فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها } [ وإنه ]{[15014]} يقدر على قهرهم وغلبتهم .

والثاني : أراد أن يريهم آية من آيات نبوته إذا أتوه [ وهي أن يأتوه ] مسلمين ليعلموا أنه نبي ، ليس بملك .

وهذا التأويل الذي ذكرنا آية لقوله{[15015]} : { قبل أن يأتوني مسلمين } /390- ب/ ليعلموا أنه ليس بملك .

وقوله تعالى : { قبل أن يأتوني مسلمين } أي صالحين . وذلك جائز في اللغة .


[15012]:- من م، في الأصل: حيثما.
[15013]:- ساقطة من الأصل وم.
[15014]:- في الأصل وم: و.
[15015]:- في الأصل وم: لكنه.