المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٖۖ سُبۡحَٰنَهُۥٓۚ إِذَا قَضَىٰٓ أَمۡرٗا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ} (35)

وقوله { ما كان لله أن يتخذ } معناه النفي وهذا هو معنى هذه الألفاظ حيث وقعت ثم يضاف الى ذلك بحسب حال المذكور فيها إما نهي وزجر كقوله تعالى : { ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا }{[7960]} [ التوبة : 120 ] وإما تعجيز كقوله تعالى { ما كان لكم أن تنبتوا شجرها }{[7961]} [ النمل : 60 ] ، وإما تنزيه كهذه الآية . و { من ولد } ، دخلت { من } مؤكدة للجحد لنفي الواحد فما فوقه مما يحتله نظير هذه العبارة إذا لم تدخل { من } ، وقوله ، { قضى أمراً } ، أي واحداً من الأمور وليس بمصدر أمر يأمر ، فمعنى { قضى } أوجد أو أخرج من العدم ، وهذه التصاريف في هذه الأفعال من مضي واستقبال هي بحسب تجوز العرب واتساعها ، وقد تقدم القول في { كن فيكون }{[7962]} . وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع «وأن الله » بفتح الألف وذلك عطف على قوله هذا { قول الحق } .


[7960]:من الآية (120) من سورة (التوبة).
[7961]:من الآية (60) من سورة (النمل).
[7962]:تكررت في أكثر من آية، فهي في الآيات: (117) من سورة (البقرة)، و (47) و (59) من سورة (آل عمران)، و (73) من سورة (الأنعام)، و (40) من سورة (النحل)، و (82) من سورة (يسن) ، و (68) من سورة (غافر)، وهي في آيتنا هذه من سورة (مريم).