غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٖۖ سُبۡحَٰنَهُۥٓۚ إِذَا قَضَىٰٓ أَمۡرٗا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ} (35)

16

ثم صرح ببطلان معتقدهم فقال : { ما كان الله } ما صح له وما استقام { أن يتخذ من ولده } كما لا يستقيم أن يكون له شريك ، وقد مر مثل هذه الآية في سورة البقرة . والذي نزيده ههنا أن بعضهم قال : معنى الآية ما كان لله أن يقول لأحد إنه ولدي لأن هذا الخبر كذب والكذب لا يليق بحكمته تعالى . وزعم الجبائي بناء على هذا التفسير أنه ليس لله أن يفعل كل شيء لأن قوله : { ما كان لله أن يتخذ من ولد } كقولنا " ما كان لله أن يظلم " فلا يليق شيء منها بحكمته وكمال إلهيته . وأجيب بأن الكذب على الله محال ، والظلم تصرف في ملك الغير فلا يتصوّر في حقه . فإن أردتم هذا المعنى فلا نزاع ، وإن أردتم شيئاً آخر فما الدليل على استحالته ؟ ! احتج بعض الأشاعرة بالآية على قدم كلام الله لأن قوله : { كن } إن كان قديماً فهو المطلوب ، وإن كان محدثاً احتاج في حدوثه إلى قوله آخر وتسلسل . واستدلت المعتزلة بها على حدوث كلامه قالوا : إن قوله : { إذا قضى } للاستقبال وذلك القول متأخر عن القضاء المحدث ، والمتأخر عن المحدث محدث . وأيضاً الفاء في { فيكون } للتعقيب والقول متقدم عليه بلا فصل ، والمتقدم على المحدث بزمان قليل محدث ، وكلا الاستدلالين ضعيف لأنه لا نزاع في حدوث الحروف وإنما النزاع في كلام النفس . وأيضاً قوله : { كن } عبارة عن نفاذ قدرته ومشيئته وإلا فليس ثم قول لأن الخطاب مع المعدوم عبث ومع الموجود تحصيل الحاصل . ومن الناس من زعم أن المراد من قوله : { كن } هو صفة التكوين فإنها زائدة على صفة القدرة لأنه قادر على عوالم أخر سوى هذا وغير مكون لها ، ولعل هذا الزاعم سمى تعلق القدرة بالمقدور تكويناً .

/خ40