قوله تعالى : { ما كان لله أن يتخذ من ولد }[ 34 ] .
هذا تكذيب للذين قالوا : إن عيسى ابن الله . أي : ما يصلح له أن يتخذ ولدا ، بل كل شيء خلقه .
ثم قال سبحانه : ينزه نفسه عما قالوا ، أي : تنزيها لله أن يكون له ما أضيف إليه من الولد ، فقال : { ما كان لله أن يتخذ من ولد }{[44242]} ، ينفي عن نفسه وينزهها عما يقول الظالمون ، وهذا اللفظ ظاهر الحظر ، والله لا يخطر عليه شيء ، لكنه محمول على معناه{[44243]} . ومعناه النفي ، أي : ما كان لله ليتخذ ولدا . فهو{[44244]} نفي عن الله ما لا يليق به وليس فيه{[44245]} في الباطن حظر . ومثله قوله{[44246]} : { وما كان لمومن أن يقتل مومنا إلا خطئا }{[44247]} معناه النفي ، وتقديره : ما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا . فظاهره حظر ، ومعناه النفي . ولو كان حظرا لم يستثنى منه الإثبات في قوله إلا خطأ والنفي يستثنى منه الإثبات . ومعنى الإثبات في هذا ، إجازة وقوعه من المؤمن لا أنه{[44248]} إطلاق له أن يفعل ذلك ، وقد مضى ذكر هذا . ومثله { ما كان لكم أن تنبتوا شجرها }{[44249]} ظاهره الحظر . أي لا تفعلوا وهو تعالى لم يحظر على خلقه أن يفعلوا ذلك ، وإنما معنى ذلك ، النفي عنهم القدرة على{[44250]} اختراع ذلك .
فالمعنى : ما كنتم مخترعين ذلك ، ومحدثين له ، بل الله اخترعه وأحدثه . وهو كثير في القرآن يقاس عليه ما شابهه .
ثم قال : { إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون }[ 34 ] .
أي : إذا أراد خلق شيء ، فإنما يقول له كن فيكون موجودا حادثا لا يتكلف في حدوثه{[44251]} معالجة ولا معاناة تصحيح ، والتقدير ، إذا قضى أمرا كونه . وقد زل{[44252]} في هذا بعض الملحدين فقال : هذا يدل على أن الأمر مخلوق ، لأنه قال : قضى أمرا{[44253]} . قال : وأمره كلامه ، وهذا إلحاد وكفر . ليس قضى في هذا بمعنى{[44254]} خلق ، إنما هو بمعنى أراد .
والأمر في هذا إنما هو أحد الأمور المحدثة ، لا كلامه – تعالى عن ذلك – فالمعنى : إذا أراد إحداث أمر من الأمور المحدثة ، قال له : كن فكان{[44255]} . فكن كلامه . فبهذا يحدث المحدثات . فلو كان الأمر في هذا كلامه ، لحدث بكلامه كن ، فيصير كلامه يحدث بكلامه ، وهذا خلف من الكلام وخطأ ظاهر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.