المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَالُواْ لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلَّآ أَيَّامٗا مَّعۡدُودَٰتٖۖ وَغَرَّهُمۡ فِي دِينِهِم مَّا كَانُواْ يَفۡتَرُونَ} (24)

وقوله تعالى : { ذلك بأنهم } الإشارة فيه إلى التولي والإعراض ، أي إنما تولوا وأعرضوا لاغترارهم بهذه الأقوال والافتراء الذي لهم في قولهم : { نحن أبناء الله وأحباؤه }{[3057]} إلى غير ذلك من هذا المعنى ، وكان من قول بني إسرائيل : إنهم لن تمسهم النار إلا أربعين يوماً عدد الأيام التي عبدوا فيها العجل ، قاله الربيع وقتادة ، وحكى الطبري أنهم قالوا : إن الله وعد أباهم يعقوب أن لا يدخل أحداً من ولده النار إلا تحلة القسم{[3058]} ، وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لليهود : من أول من يدخل النار ؟ فقالوا نحن فترة يسيرة ثم تخلفوننا فيها فقال : كذبتم الحديث بطوله{[3059]} ، و { يفترون } معناه ، يشققون ويختلقون من الأحاديث في مدح دينهم وأنفسهم وادعاء الفضائل لها .


[3057]:- من الآية (18) من سورة المائدة.
[3058]:- تفسير الطبري عن قتادة 3/219.
[3059]:- أخرجه ابن مردويه (عن أبي هريرة)، والبخاري وأحمد والنسائي (عن الليث بن سعد)، وأخرجه عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم (عن عكرمة؛ انظر ابن كثير: 1/118 وفتح القدير: 1/89.