قوله تعالى : { ذلِكَ بِأَنَّهُمْ } : يجوزُ في " ذلك " وجهان ، أًصحُّهما : أنه مبتدأٌ والجارُّ بعده خبرهُ ، أي : ذلك التولِّي بسببِ هذه الأقوالِ الباطلةِ التي لا حقيقةَ لها . والثاني : أن " ذلك " خبرُ مبتدأ محذوفٍ أي : الأمرُ ذلك ، وهو قولُ الزجاج . وعلى هذا فقولُه : " بأنهم " متعلق بذلك المقدَّر ، وهو الأمر ونحوه . وقال أبو البقاء : " فعلى هذا يكون قوله : " بأنهم " في موضعِ نصبٍ على الحال مِمَّا في " ذا " من معنى الإِشارة أي : ذلك الأمرُ مستحقاً بقولِهم " ، ثم قال : " وهذا ضعيفٌ " . قلت : بل لا يجوزُ البتة .
وجاء هنا " معدودات " بصيغة الجمع ، وفي البقرة : { مَّعْدُودَةً } [ الآية : 80 ] تفنُّناً في البلاغة ، وذلك أنَّ جَمْعَ التكسيرِ غيرَ العاقلِ يجوزُ أَنْ يعامَلَ معاملةَ الواحدةِ المؤنثة تارةً ومعاملةَ جمعِ الإِناث أخرى ، فيقال : " هذه جبالٌ راسيةٌ " وإن شئت : " راسيات " ، و " جِمال ماشية " وإن شئت :
" ما شيات " . وخُصَّ الجمعُ بهذا الموضعِ لأنه مكانُ تشنيع عليهم بما فعلوا وقالوا ، فأتى بلفظِ الجمعِ مبالغةً في زَجْرِهم وزجرِ مَنْ يعملُ بعملهم .
قوله : { وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ } الغُرور : الخِداع ، يقال منه : غَرَّه يَغِرُّه غُرورا فهو غارٌّ ومغرور ، والغَرور بالفتح مثالُ مبالغة ، كالضَّروب ، والغِرُّ : الصغير ، والغَريرة : الصغيرة لأنهما يَنْخَدِعَان والغِرَّةُ مأخوذة من هذا . يقال : " أخَذَه على غِرَّة " أي : تَغَفُّل وخداع ، والغُرَّةُ : بياضٌ في الوجهِ ، يقال منه : وَجْهٌ أَغرُّ ورجل [ أغرُّ ] وامرأة " غَرَّاء " ، والجمعُ القياسي : غُرٌّ ، وغيرُ القياسي : غُرَّان . قال :
ثيابُ بني عوفٍ طَهارى نَقِيَّةٌ *** وأوجُهُهم عند المَشاهِدِ غُرَّانُ
والغُرَّةُ من كلِّ شيء : أَنْفَسُه ، وفي الحديث : " وجَعَلَ في الجنين غُرَّةً عبداً أو أَمَة " وقيل : " الغُرَّةُ " الخِيارُ . وقال أبو عمرو بن العلاء في تفسير هذا الحديث : " إنه لا يكون إلا الأبيضُ من الرقيقِ " كأنَّه أَخَذَه من الغُرَّة وهي البياضُ في الوجه .
قوله : { مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } " ما " يجوزُ أَنْ تكونَ مصدريةً أو بمعنى الذي ، والعائدُ محذوفٌ أي : الذي كانوا يَفْتَرُونه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.