المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ نَزۡغٞ فَٱسۡتَعِذۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (36)

{ إما } شرط ، وجواب الشرط قوله : { فاستعذ } . والنزغ : فعل الشيطان في قلب أو يد من إلقاء غضب وحقد أو بطش في اليد ، فمن الغضب هذه الآية ، ومن الحقد ، قوله : { نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي }{[10080]} ، ومن البطش قول النبي عليه السلام : «لا يشر أحدكم على أخيه بالسلاح لا ينزغ الشيطان في يده فيلقيه في حفرة من حفر النار »{[10081]} .

وندب تعالى في هذه الآية المتقدمة إلى مكارم الخلق في الدفع بالتي هي أحسن ، ثم أثنى على من لقيها{[10082]} ووعده ، وعلم أن خلقة البشر تغلب أحياناً وتثور بهم سورة الغضب ونزغ الشيطان فدلهم على مذهب ذلك وهي الاستعاذة به عز وجل .


[10080]:من الآية (100) من سورة (يوسف).
[10081]:أخرجه البخاري في كتاب الفتن، ومسلم في البر، وأحمد في مسنده 2 – 317، عن أبي هريرة رضي الله عنه، ولفظه كما في البخاري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يشير أحدكم على أخيه بالسلاح، فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزع في يده فيقع في حفرة من النار)، فالفعل فيه (ينزع) بالعين المهملة، وكذلك هو في مسند أحمد، وفي صحيح مسلم، وعلى هذا فلا شاهد فيه.
[10082]:لقي الشيء: علمه ونبه عليه، وتلقاه: تعلمه وفهمه.