فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ نَزۡغٞ فَٱسۡتَعِذۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (36)

ثم أمر سبحانه بالاستعاذة من الشيطان فقال :{ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ } النزغ شبيه النخس ، شبه به الوسوسة لأنها تبعث على الشر ، وجعل النزغ نازغا على سبيل المجاز العقلي ، كقولهم جد جده ، أو أريد : وإما ينزغنك نازغ وصفا للشيطان بالمصدر ، أو لتسويله ، والمعنى : وإن صرفك الشيطان عن شيء مما شرعه الله لك أو عن الدفع بالتي هي أحسن { فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ } من شره وامض على حلمك ولا تطعه .

وجملة . { إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } تعليل لما قبلها ، أي السميع لكل ما يسمع ، ومنه استعاذتك ، والعليم بكل ما يعلم ومنه فعلك وأحوالك ، ومن كان كذلك فهو يعيذ من استعاذ به ، وقال هنا بزيادة هو وأل ، وفي الأعراف بدونهما ، لأن ما هنا متصل بمؤكد بالتكرار وبالحصر ، فناسب التأكيد بما ذكر ، وما في الأعراف خلي عن ذلك ، فجرى على القياس من كون المسند إليه معرفة والمسند نكرة .

أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن سليمان بن صرد قال : استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم فاشتد غضب أحدهما ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه الغضب : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، فقال الرجل : أمجنون تراني فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : { وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } .