معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَآئِمَةٗ وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيۡرٗا مِّنۡهَا مُنقَلَبٗا} (36)

قوله تعالى : { وما أظن الساعة قائمة } كائنة { ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيراً منها منقلباً } ، قرأ أهل الحجاز والشام هكذا على التثنية ، يعني من الجنتين ، وكذلك هو في مصاحفهم ، وقرأ الآخرون { منها } أي : من الجنة التي دخلها { منقلباً } أي : مرجعاً . إن قيل : كيف قال : ولئن رددت إلى ربي وهو منكر البعث ؟ قيل : معناه : ولئن رددت إلى ربي - على ما تزعم أنت - يعطيني هنالك خيراً منها ، فإنه لم يعطني هذه الجنة في الدنيا إلا ليعطيني في الآخرة أفضل منها .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَآئِمَةٗ وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيۡرٗا مِّنۡهَا مُنقَلَبٗا} (36)

انتقل من الإخبار عن اعتقاده دوامَ تلك الجنة إلى الإخبار عن اعتقاده بنفي قيام الساعة .

ولا تلازم بين المعتقَدَيْن . ولكنه أراد التورك على صاحبه المؤمن تخطئة إياه ، ولذلك عقب ذلك بقوله : { ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيراً منها منقلباً } تهكماً بصاحبه . وقرينة التهكم قوله : { وما أظن الساعة قائمة } . وهذا كقول العاصي بن وائل السهمي لخباب بن الأرت « ليكونن لي مال هنالك فأقضيكَ دينك منه » .

وأكد كلامه بلام القسم ونون التوكيد مبالغة في التهكم .

وانتصب { منقلباً } على تمييز نسبة الخبر . والمنقلب : المكان الذي يُنقلب إليه ، أي يُرجع .

وضمير { منهما } للجنتين عوداً إلى أول الكلام تفننا في حكاية كلامه على قراءة الجمهور { منهما } بالتثنية ، وقرأ أبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي ويعقوب وخلف منها } بالإفراد جرياً على قوله : { ودخل جنته } وقولهِ : { أن تبيد هذه } .