{ قَالَ مَآ أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هذه أَبَداً } .
قال أهل المعاني : لما أذاقه حسنها وزهوتها ، توهَّم أنها لا تفنى أبداً مطلقاً ، { وَمَآ أَظُنُّ الساعة قَائِمَةً } فجمع بين كفرين .
الأول : قطعه بأنَّ تلك الأشياء لا تبيدُ أبداً .
فإن قيل : هب أنَّه شكَّ في القيامة ، فكيف قال : ما أظنُّ أن تبيد هذه أبداً ، مع أنَّ الحسَّ يدلُّ على أنَّ أحوال الدنيا بأسرها ذاهبةٌ غير باقية ؟ .
فالجواب : مراده أنَّها لا تبيد مدَّة حياته ، ثم قال : { وَلَئِن رُّدِدتُّ إلى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنْقَلَباً } أي مرجعاً وعاقبة ، وانتصابه على التَّمييز ، ونظيره قوله تعالى : { وَلَئِن رُّجِّعْتُ إلى ربي إِنَّ لِي عِندَهُ للحسنى } [ فصلت : 50 ] .
وقوله : { لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً } [ مريم : 77 ] .
فإن قيل : كيف قال : ولَئِنْ رددت إلى ربي وهو ينكرُ البعث{[21064]} ؟ .
فالجواب : معناه : ولئنْ رددتُّ إلى ربِّي على زعمكَ ، يعطيني هنالك خيراً منها .
والسَّبب في وقوعه في هذه الشُّبهة أنَّه تعالى لمَّا أعطاه المال والجاه في الدنيا ، ظنَّ أنه إنَّما أعطاه ذلك ؛ لكونه مستحقًّا له ، والاستحقاقُ باقٍ بعد الموت ؛ فوجب حصول الإعطاء ، والمقدِّمة الأولى كاذبةٌ ؛ فإن فتح باب الدنيا على الإنسان ، يكون في أكثر الأمر للاستدراج{[21065]} .
وقرأ{[21066]} أبو عمرو والكوفيون " مِنْهَا " بالإفراد ؛ نظراً إلى أقرب مذكورٍ ، وهو قوله : " جنَّتهُ " وهي في مصاحف العراق ، دون ميم ، والباقون " مِنْهُما " بالتثنية ؛ نظراً إلى الأصل في قوله : " جَنَّتيْنِ " و " كِلتَا الجنَّتيْنِ " ورُسِمَتْ في مصاحفِ الحرمينِ والشَّام بالميم ، فكل قد وافق رسم مصحفه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.