معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{رَّبُّكُمُ ٱلَّذِي يُزۡجِي لَكُمُ ٱلۡفُلۡكَ فِي ٱلۡبَحۡرِ لِتَبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ كَانَ بِكُمۡ رَحِيمٗا} (66)

قوله عز وجل : { ربكم الذي يزجي لكم الفلك } أي : يسوق ويجري لكم الفلك ، { في البحر لتبتغوا من فضله } ، لتطلبوا من رزقه ، { إنه كان بكم رحيماً } .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{رَّبُّكُمُ ٱلَّذِي يُزۡجِي لَكُمُ ٱلۡفُلۡكَ فِي ٱلۡبَحۡرِ لِتَبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ كَانَ بِكُمۡ رَحِيمٗا} (66)

«الإزجاء » : سوق الثقيل السير ، إما لضعف أو ثقل حمل أو غيره ، فالإبل الضعاف تزجى ، ومنه قول الفرزدق : [ البسيط ]

على زواحف تزجيها محاسير{[7628]} . . . والسحاب تزجى ومنه قوله تعالى { ألم تر أن الله يزجي سحاباً }{[7629]} والبضاعة المزجاة هي التي تحتها لاختلالها أن تساق بشفاعة وتدفع بمعاون إلى الذي يقبضها ، وإزجاء { الفلك } سوقه بالريح اللينة والمجاديف ، و { الفلك } و { البحر } الماء الكثير عذباً كان أو ملحاً ، وقد غلب الاسم على هذا المشهور{[7630]} ، و { الفلك } تجري فيها . وقوله { لتبتغوا من فضله } لفظ يعم البصر ، وطلب الأجر ، في حج أو غزو ونحوه ، ولا خلاف في جواز ركوبه للحج والجهاد والمعاش ، واختلف في وجوبه للحج ، أعني الكثير منه ، واختلف في كراهيته للثروة وتزيد المال ، وقد روي عنه أنه قال «البحر لا أركبه أبداً » ، وهذا حديث يحتمل أنه رأي رآه لنفسه ، ويحتمل أنه أوحي إليه ذلك ، وهذه الآية توقيف على آلاء الله وفضله عند عباده .


[7628]:هذا عجز بيت قاله الفرزدق من قصيدة يمدح بها يزيد بن عبد الملك ويهجو يزيد ابن المهلب، والبيت بتمامه: على عمائمنا يلقى وأرحلنـــــــا على زواحف نزجيها محــــاسير الرحل: ما يوضع على ظهر البعير للركوب، وكل شيء يعد للرحيل من وعاء للمتاع وغيره. والزواحف: النياق التي تعبت من السير فهي تسير ببطء وكأنها تزحف، نزجيها: نسوقها وندفعها، وهي موضع الشاهد هنا – والمحاسير: جمع محسور وهو الكليل الضعيف، صفة أخرى للنياق التي يركبونها.
[7629]:من الآية (43) من سورة (النور).
[7630]:هكذا في الأصول، والمراد: غلب الاسم على الماء الكثير المالح.