إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{رَّبُّكُمُ ٱلَّذِي يُزۡجِي لَكُمُ ٱلۡفُلۡكَ فِي ٱلۡبَحۡرِ لِتَبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ كَانَ بِكُمۡ رَحِيمٗا} (66)

{ رَّبُّكُمُ الذي يُزْجِي لَكُمُ الفلك في البحر } مبتدأ وخبر والإزجاءُ السوقُ حالاً بعد حال ، أي هو القادرُ الحكيمُ الذي يسوق لمنافعكم الفُلك ويُجريها في البحر { لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ } من رزقه الذي هو فضلٌ من قِبَله أو من الربح الذي هو مُعطيه ، ومن مزيدةٌ أو تبعيضةٌ ، وهذا تذكير لبعض النعم التي هي دلائلُ التوحيد وتمهيدٌ لذكر توحيدِهم عند مِساسِ الضرِّ تكملةً لما مر من قوله تعالى : { فَلاَ يَمْلِكُونَ } الآية { إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ } أزلاً وأبداً { رَّحِيماً } حيث هيأ لكم ما تحتاجون إليه وسهّل عليكم ما يعسُر من مباديه ، وهذا تذييلٌ فيه تعليلٌ لما سبق من الإزجاء لابتغاء الفضلِ ، وصيغةُ الرحيم للدِلالة على أن المرادَ بالرحمة الرحمةُ الدنيويةُ والنعمةُ العاجلة المنقسمة إلى الجليلة والحقيرة .