فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{رَّبُّكُمُ ٱلَّذِي يُزۡجِي لَكُمُ ٱلۡفُلۡكَ فِي ٱلۡبَحۡرِ لِتَبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ كَانَ بِكُمۡ رَحِيمٗا} (66)

قوله : { رَّبُّكُمُ الذي يُزْجِي لَكُمُ الفلك فِي البحر } الإزجاء : السوق والإجراء والتسيير ، ومنه قوله سبحانه { أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله يُزْجِي سَحَاباً } [ النور : 43 ] . وقول الشاعر :

يا أيها الراكب المزجي مطيته *** سائل بني أسد : ما هذه الصور

وقول الآخر :

عوذا تزجي خلفها أطفالها *** . . .

والمعنى : أن الله سبحانه يسيّر الفلك في البحر بالريح ، والفلك ها هنا جمع ، وقد تقدّم ، والبحر هو الماء الكثير عذباً كان أو مالحاً ، وقد غلب هذا الاسم على المشهور { لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ } أي : من رزقه الذي تفضل به على عباده ، أو من الربح بالتجارة ، و«من » زائدة أو للتبعيض ، وفي هذه الآية تذكير لهم بنعم الله سبحانه عليهم حتى لا يعبدوا غيره ولا يشركوا به أحداً ، وجملة : { إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا } تعليل لما تقدّم أي : كان بكم رحيماً فهداكم إلى مصالح دنياكم .

/خ70