معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{لَا تَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مُعۡجِزِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ وَمَأۡوَىٰهُمُ ٱلنَّارُۖ وَلَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ} (57)

قوله تعالى : { لا تحسبن الذين كفروا } قرأ عامر وحمزة لا يحسبن بالياء ، أي : لا يحسبن الذين كفروا أنفسهم ، { معجزين في الأرض } وقرأ الآخرون بالتاء ، يقول : لا تحسبن يا محمد الذين كفروا معجزين فائتين عنا ، { ومأواهم النار ولبئس المصير } .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{لَا تَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مُعۡجِزِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ وَمَأۡوَىٰهُمُ ٱلنَّارُۖ وَلَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ} (57)

وقوله { لا تَحْسَبَنَّ } أي : [ لا تظن ]{[21343]} يا محمد { الَّذِينَ كَفَرُوا } أي : خالفوك وكذبوك ، { مُعْجِزِينَ فِي الأرْضِ } أي : لا يعجزون الله ، بل الله قادر عليهم ، وسيعذبهم على ذلك أشد العذاب ؛ ولهذا قال : { وَمَأْوَاهُمُ } أي : في الدار الآخرة { النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ } أي : بئس المآل مآلُ الكافرين ، وبئس القرار وبئس المهاد .


[21343]:- زيادة من ف ، أ.
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{لَا تَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مُعۡجِزِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ وَمَأۡوَىٰهُمُ ٱلنَّارُۖ وَلَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ} (57)

وقرأ جمهور السبعة «لا تحسبن » بالتاء على المخاطبة للنبي عليه السلام ، وقرأها الحسن بن أبي الحسن بفتح السين ، وقرأ حمزة وابن عامر «لا يحسبن » بالياء قال أبو علي ، وذلك يحتمل وجهين أحدهما أن يكون التقدير لا يحسبن محمد والآخر أن يسند الفعل إلى { الذين كفروا } والمفعول أنفسهم ، وأعجز الرجل ، إذا ذهب في الأرض فلم يقدر عليه ثم أخبر بأن «مأواهم النار » وأنها بئس الخاتمة والمصير .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{لَا تَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مُعۡجِزِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ وَمَأۡوَىٰهُمُ ٱلنَّارُۖ وَلَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ} (57)

استئناف ابتدائي لتحقيق ما اقتضاه قوله : { وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً } [ النور : 55 ] ، فقد كان المشركون يومئذٍ لم يزالوا في قوة وكثرة ، وكان المسلمون لم يزالوا يخافون بأسهم فربما كان الوعد بالأمن من بأسهم متلقىً بالتعجب والاستبطاء الشبيه بالتردد فجاء قوله : { لا تحسبن الذين كفروا معجزين في الأرض } تطميناً وتسلية .

والخطاب لمن قد يخامره التعجب والاستبطاء دون تعيين .

والمقصود من النهي عن هذا الحسبان التنبيه على تحقيق الخبر .

وقراءة الجمهور : { تحسبن } بتاء الخطاب . وقرأ ابن عامر وحمزة وحده بياء الغيبة فصار { الذين كفروا } فاعلّ { يحسبن } فيبقى ل { يحسبن } مفعول واحد هو { معجزين } . فقال أبو حاتم والنحاس والفراء : هي خطأ أو ضعيفة لأن فعل الحسبان يقتضي مفعولين . وهذا القول جرأة على قراءة متواترة . وقال الزجاج : المفعول الأول محذوف تقديره : أنفسهم ، وقد وفق لأن الحذف ليس بعزيز في الكلام . وفي « الكشاف » أن { في الأرض } هو المفعول الثاني ، أي لا يحسبوا ناساً معجزين في الأرض ( يعني ما من كائن في الأرض إلا وهو في متناول قدرة الله إن شاء أخذه ، أي فلا ملجأ لهم في الأرض كلها ) قال : « وهذا معنى قوي جيّد » .

والمعجز : الذي يُعجز غيره ، أي يجعله عاجزاً عن غلبه . وقد تقدم عند قوله تعالى : { إن ما توعدون لآتتٍ وما أنتم بمعجزين } في سورة الأنعام ( 134 ) . وكذلك المعاجز بمعنى المحاول عجز ضده تقدم في قوله تعالى : { والذين سعوا في آياتنا معاجزين } في سورة الحج ( 51 ) .

والأرض : هي أرض الدنيا ، أي هم غير غالبين في الدنيا كما حسبوا أنه ليس ثمة عالم آخر . وفي الأرض } متعلق ب { بمعجزين } على قراءة الجمهور وعلى بعض التوجيهات من قراءة حمزة وابن عامر ، أو هو مفعول ثان على بعض التوجيهات كما علمت .

وقوله : { ومأواهم النار } أي هم في الآخرة معلوم أن مأواهم النار فقد خسروا الدارين .