وقرأ الجمهور { لا تحسبن } بتاء الخطاب والتقدير ، { لا تحسبن } أيها المخاطب ولا يندرج فيه الرسول ، وقالوا : هو خطاب للرسول وليس بجيد لأن مثل هذا الحسبان لا يتصوّر وقوعه فيه عليه السلام .
وقرأ حمزة وابن عامر لا يحسبن بالياء للغيبة ، والتقدير لا يحسبن حاسب ، والرسول لا يندرج في حاسب وقالوا : يكون ضمير الفاعل للرسول لتقدم ذكره في { وأطيعوا الرسول } قاله أبو عليّ والزمخشري وليس بجيد لما ذكرناه في قراءة التاء .
وقال النحاس : ما علمت أحداً من أهل العربية بصرياً ولا كوفياً إلاّ وهو يخطىء قراءة حمزة ، فمنهم من يقول : هي لحن لأنه لم يأت إلاّ بمفعول واحد ليحسبن ، وممن قال هذا أبو حاتم انتهى .
وقال الفرّاء : هو ضعيف وأجازه على حذف المفعول الثاني وهو قول البصريين تقديره أنفسهم .
وقال عليّ بن سليمان : { الذين كفروا } في موضع نصب قال : ويكون المعنى ولا يحسبن الكافر { الذين كفروا معجزين في الأرض } .
وقال الكوفيون : { معجزين } المفعول الأول .
و { في الأرض } الثاني قيل : وهو خطأ وذلك لأن ظاهر في { الأرض } تعلقه بمعجزين ، فلا يكون مفعولاً ثانياً .
وخرج الزمخشري ذلك متبعاً قول الكوفيين .
فقال { معجزين في الأرض } هما المفعولان والمعنى لا يحسبن الذين كفروا أحداً يعجز الله في الأرض حتى يطمعوا لهم في مثل ذلك ، وهذا معنى قوي جيد انتهى .
وقال أيضاً : يكون الأصل : لا يحسبنهم { الذين كفروا معجزين } ثم حذف الضمير الذي هو المفعول الأول ، وكان الذي سوغ ذلك أن الفاعل والمفعولين لما كانت كالشيء الواحد اقتنع بذكر اثنين عن ذكر الثالث انتهى .
وقد رددنا هذا التخريج في آل عمران في قوله { لا يحسبن الذين يفرحون بما أتوا } في قراءة من قرأ بياء الغيبة ، وجعل الفاعل { الذين يفرحون } وملخصه أنه ليس هذا من الضمائر التي يفسرها ما بعدها فلا يتقدر لا يحسبنهم إذ لا يجوز ظنه زيد قائماً على تقدير رفع زيد بظنه .
{ ومأواهم النار } قال الزمخشري : عطف على { لا تحسبن } كأنه قيل الذين كفروا لا يفوتون الله { ومأواهم النار } والمراد بهم المقسمون جهد أيمانهم انتهى .
وقال صاحب النظام لا يحتمل أن يكون { ومأواهم } متصلاً بقوله { لا تحسن الذين كفروا معجزين في الأرض } بل هم مقهورون { ومأواهم النار } انتهى .
واستبعد العطف من حيث إن { لا تحسبن } نهي { ومأواهم النار } جملة خبرية فلم يناسب عنده أن يعطف الجملة الخبرية على جملة النهي لتباينهما وهذا مذهب قوم .
ولما أحس الزمخشري بهذا قال : كأنه قيل الذين كفروا لا يفوتون الله فتأول جملة النهي بجملة خبرية حتى تقع المناسبة ، والصحيح أن ذلك لا يشترط بل يجوز عطف الجمل على اختلافها بعضاً على بعض وإن لم تتحد في النوعية وهو مذهب سيبويه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.