يقول تعالى متهددًا للمشركين على تماديهم في الباطل واغترارهم بالدنيا : هل ينتظر هؤلاء إلا الملائكة أن تأتيهم بقبض أرواحهم ، قاله قتادة .
{ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ }{[16421]} أي : يوم القيامة وما يعاينونه{[16422]} من الأهوال .
وقوله : { كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ } أي : هكذا تمادى في شركهم أسلافهم ونظراؤهم وأشباههم من المشركين حتى{[16423]} ذاقوا بأس الله ، وحلوا فيما هم فيه من العذاب والنكال . { وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ } ؛ لأنه تعالى أعذر إليهم ، وأقام حججه عليهم بإرسال رسله وإنزال كتبه ، { وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } أي : بمخالفة الرسل والتكذيب بما جاءوا به ،
{ هل ينظرون } ما ينتظر الكفار المار ذكرهم . { إلا أن تأتيهم الملائكة } لقبض أرواحهم . وقرأ حمزة والكسائي بالياء . { أو يأتي أمر ربك } القيامة أو العذاب المستأصل . { كذلك } مثل ذلك الفعل من الشرك والتكذيب . { فعل اللذين من قبلهم } فأصابهم ما أصابوا . { وما ظلمهم الله } بتدميرهم . { ولكن كانوا أنفسهم يظلمون } بكفرهم ومعاصيهم المؤدية إليه .
{ ينظرون } معناه ينتظرون ، ونظر متى كانت من رؤية العين فإنما تعديها العرب ب «إلى » ، ومتى لم تتعد ب «إلى » فهو بمعنى انتظر ، كما قال امرؤ القيس :
فإنكما إن تنظراني ساعة . . . من الدهر تنفعني لدى أم جندب{[7293]}
ومنه قوله تعالى حكاية { انظرونا نقتبس من نوركم{[7294]} } [ الحديد : 13 ] وقد جاء شاذاً نظرت بمعنى الرؤية متعدياً بغير إلى كقول الشاعر :
باهرات الجمال والحسن ينظر . . . ن كما تنظر الأراك الظباء{[7295]}
وقرأ الجمهور «تأتيهم » بالتاء من فوق ، وقرأ حمزة والكسائي «يأتيهم » بالياء ، وهي قراءة يحيى بن وثاب وطلحة والأعمش ، ومعنى الكلام أن تأتيهم الملائكة لقبض أرواحهم ظالمي أنفسهم ، وقوله { أو يأتي أمر ربك } وعيد يتضمن قيام الساعة أو عذاب الدنيا ، ثم ذكر تعالى أن هذا كان فعل أسلافهم من الأمم ، أي فعوقبوا ولم يكن ذلك ظلماً لأنه لم يوضع ذلك العقاب في غير موضعه ، ولكن ظلموا أنفسهم بأن وضعوا كفرهم في جهة الله وميلهم إلى الأصنام والأوثان ، فهذا وضع الشيء في غير موضعه ، أي آذوها بنفس فعلهم ، وإن كانوا لم يقصدوا ظلمها ولا إذايتها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.