السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{هَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّآ أَن تَأۡتِيَهُمُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ أَوۡ يَأۡتِيَ أَمۡرُ رَبِّكَۚ كَذَٰلِكَ فَعَلَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ وَمَا ظَلَمَهُمُ ٱللَّهُ وَلَٰكِن كَانُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ يَظۡلِمُونَ} (33)

ولما طعن الكفار في القرآن بقولهم : { أساطير الأوّلين } وذكر أنواع التهديد والوعيد ثم أتبعه بذكر الوعد لمن وصف القرآن بكونه خيراً ، عاد إلى بيان أنّ أولئك الكفار لا ينزجرون عن كفرهم وأقوالهم الباطلة إلا إذا جاءتهم الملائكة ، وأتاهم أمر ربك فقال تعالى : { هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة } لقبض أرواحهم . وقرأ حمزة والكسائي بالياء على التذكير والباقون بالتاء على التأنيث وتقدّم توجيه ذلك { أو يأتي أمر ربك } أي : يوم القيامة وقيل : العذاب . وقيل : إنهم طلبوا من النبيّ صلى الله عليه وسلم أن ينزل الله تعالى ملكاً من السماء يشهد على صدقه في ادّعاء النبوّة فقال تعالى : { هل ينظرون } في التصديق بنبوّتك إلا أن تأتيهم الملائكة شاهدين بذلك . وعلى كلا التقديرين ، فقد قال تعالى : { كذلك } أي : مثل ما { فعل } هؤلاء هذا الفعل البعيد الشنيع فعل { الذين من قبلهم } من الأمم السالفة ، كذبوا رسلهم فأهلكوا { وما ظلمهم الله } بإهلاكهم بغير ذنب . { ولكن كانوا أنفسهم يظلمون } بكفرهم وتكذيبهم للرسل فاستوجبوا ما نزل بهم .