فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{هَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّآ أَن تَأۡتِيَهُمُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ أَوۡ يَأۡتِيَ أَمۡرُ رَبِّكَۚ كَذَٰلِكَ فَعَلَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ وَمَا ظَلَمَهُمُ ٱللَّهُ وَلَٰكِن كَانُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ يَظۡلِمُونَ} (33)

{ هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللّهُ وَلكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ( 33 ) }

{ هَلْ يَنظُرُونَ } هذا جواب شبهة أخرى لمنكري النبوة فإنهم طلبوا من النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن ينزل عليهم ملكا من السماء يشهد على صدقه في ادعاء النبوة فقال : هل ينظرون في تصديق نبوتك { إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمُ } بالتاء والياء سبعيتان { الْمَلائِكَةُ } شاهدين بذلك .

ويحتمل أن يقال أنهم لما طعنوا في القرآن بأنه أساطير الأولين أوعدهم الله بقوله : هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة لقبض أرواحهم { أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ } أي عذابه في الدنيا المستأصل لهم ، أو المراد بأمر الله القيامة ، والمراد بكونهم ينظرون أنهم ينتظرون إتيان الملائكة أو إتيان أمر الله على التفسير الآخر أنهم قد فعلوا فعل من وجب عليه العذاب وصار منتظرا له .

وليس المراد أنهم ينتظرون ذلك حقيقة فإنهم لا يؤمنون بذلك ولا يصدقونه قيل أو مانعه خلو فإن كلا من الموت والعذاب يأتيهم ، وإن اختلف الوقت . وإنما عبر بأو دون الواو إشارة إلى كفاية كل واحد من الأمرين في تعذيبهم كما أفاده أبو السعود .

{ كَذَلِكَ } أي مثل فعل هؤلاء من الإصرار على الكفر والتكذيب والاستهزاء { فَعَلَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } من طوائف الكفار فأتاهم أمر الله فهلكوا { وَمَا ظَلَمَهُمُ اللّهُ } بتدميرهم بالعذاب فإنه أنزل بهم ما استحقوه بكفرهم { وَلكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } بما ارتكبوه من القبائح وفيه أن ظلمهم مقصور عليهم باعتبار ما يؤول إليه