اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{هَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّآ أَن تَأۡتِيَهُمُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ أَوۡ يَأۡتِيَ أَمۡرُ رَبِّكَۚ كَذَٰلِكَ فَعَلَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ وَمَا ظَلَمَهُمُ ٱللَّهُ وَلَٰكِن كَانُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ يَظۡلِمُونَ} (33)

قوله تعالى : { هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمُ الملائكة أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ } الآية .

هذه شبهة ثانية لمنكري النبوة ؛ فإنهم طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن ينزل الله ملكاً من السماء ؛ يشهد على صدقه في ادِّعاء النبوة ؛ فقال تعالى : { هَلْ يَنْظُرُونَ } في التصديق بنبوتك { إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمُ الملائكة } شاهدين بذلك ، ويحتمل أنَّ القوم لما طعنوا في القرآن بقولهم : { أَسَاطِيرُ الأولين } وذكر أنواع التهديد ، و الوعيد ، ثم أتبعه بذكر الوعد لمن وصف القرآن بكونه خيراً ، عاد إلى بيان أنَّ أولئك الكفار لا ينزجرون عن كفرهم ، وأقوالهم الباطلة بالبيانات التي ذكرناها ، إلا إذا جاءتهم الملائكة بالتهديد ، أو أتاهم أمر ربِّك ، وهو عذاب الاستئصال ، وعلى كلا التقديرين قال تعالى : { كَذَلِكَ فَعَلَ الذين مِن قَبْلِهِمْ } ، أي : أفعال هؤلاء ، وكلامهم يشبهُ كلام الكفار المتقدمين وأفعالهم ، وتقدم الكلام على قوله : { إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الملائكة } [ الأنعام : 158 ] في آخر الأنعام ، وأنَّ الأخوين يقرآن بالياء من تحت ، و الباقين بالتاء من فوق ، وهما واضحتان ؛ لكونه تأنيثاً مجازيًّا .

قوله : { وَمَا ظَلَمَهُمُ الله } بتعذيبه إياهم ، فإنه أنزل بهم ما استحقوه بكفرهم { ولكن كَانُواْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } أي ولكنهم ظلموا أنفسهم ؛ بكفرهم ، وتكذيبهم الرسل .