معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَا يَخَافُ عُقۡبَٰهَا} (15)

{ ولا يخاف عقباها } قرأ أهل المدينة والشام : { فلا } بالفاء وكذلك هو في مصاحفهم وقرأ الباقون بالواو ، وهكذا في مصاحفهم { عقباها } عاقبتها . قال الحسن : معناه : لا يخاف الله من أحد تبعة في إهلاكهم . وهي رواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس . وقال الضحاك ، والسدي ، والكلبي : هو راجع إلى العاقر ، وفي الكلام تقديم وتأخير ، وتقديره : إذ انبعث أشقاها ولا يخاف عقباها .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَلَا يَخَافُ عُقۡبَٰهَا} (15)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

قوله : "وَلا يَخافُ عقْباها" اختلف أهل التأويل في معنى ذلك؛

فقال بعضهم : معناه : لا يخاف تبعة دَمْدمته عليهم ... عن الحسن ، في قوله : "وَلا يَخاف عُقْباها" قال : ذاك ربنا تبارك وتعالى ، لا يخاف تبعةً مما صنع بهم ...

وقال آخرون : بل معنى ذلك : ولم يخف الذي عقرها عقباها : أي عُقبى فَعْلَتِهِ التي فعل ...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{ ولا يخاف عقباها } أي لم يعلم ما يحل به من عقر تلك الناقة ، ولو علم لم يفعل ، ويجوز استعمال الخوف في موضع العلم، لأن الخوف إذا بلغ غايته صار علما. ثم الحكمة في ذكر قصة ثمود وجهان :

أحدهما : أن في ذكرها تثبيت رسالة محمد صلى الله عليه وسلم وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوجد منه الاختلاف إلى من عنده علم الأنباء والأخبار ولا كان يعرف الكتابة لتقع له المعرفة بها ، فثبت أنه بالوحي علم .

والثاني : أن في ذكره تحذيرا لمكذبي الرسل ، فحذروا به ليمتنعوا عن تكذيبه ، فلا يحل بهم ما حل بمكذبي صالح عليه السلام من بأسه وعذابه...

تفسير القرآن للمراغي 1371 هـ :

والمراد أنه بالغ في عذابهم إلى غاية ليس فوقها غاية ، فإن من يخاف العاقبة لا يبالغ في الفعل ، أما الذي لا يخاف العاقبة ولا تبعة العمل فإنه يبالغ فيه ليصل إلى ما يريد . وقد علمت أن القصص مسوق لتسلية رسوله بأنه سينزل بالمكذبين به مثل ما أنزل بثمود ...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

( ولا يخاف عقباها ) . . سبحانه وتعالى . . ومن ذا يخاف ? وماذا يخاف ? وأنى يخاف ? إنما يراد من هذا التعبير لازمة المفهوم منه . فالذي لا يخاف عاقبة ما يفعل ، يبلغ غاية البطش حين يبطش . وكذلك بطش الله كان : إن بطش ربك لشديد . فهو إيقاع يراد إيحاؤه وظله في النفوس . .

وهكذا ترتبط حقيقة النفس البشرية بحقائق هذا الوجود الكبيرة ، ومشاهده الثابتة ، كما ترتبط بهذه وتلك سنة الله في أخذ المكذبين والطغاة ، في حدود التقدير الحكيم الذي يجعل لكل شيء أجلا ، ولكل حادث موعدا ، ولكل أمر غاية ، ولكل قدر حكمة ، وهو رب النفس والكون والقدر جميعا. . .