معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَمَا خَلَقَ ٱلذَّكَرَ وَٱلۡأُنثَىٰٓ} (3)

{ وما خلق الذكر والأنثى } يعني : ومن خلق ، قيل هي ما المصدرية أي : خلق الذكر والأنثى ، قال مقاتل والكلبي : يعني آدم وحواء . وفي قراءة ابن مسعود ، وأبي الدرداء : ( والذكر والأنثى ) .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَمَا خَلَقَ ٱلذَّكَرَ وَٱلۡأُنثَىٰٓ} (3)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

آدم وحواء و"ما" هاهنا صلة، فأقسم الله عز وجل بنفسه ، وبهؤلاء الآيات ، فقال : والذي خلق الذكر والأنثى.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

قوله : "وَما خَلَقَ الذّكَرَ والأُنْثَى" يحتمل الوجهين اللذين وصفت في قوله : وَالسّماءِ وَما بَناها والأرْضِ وَما طَحاها وهو أن يجعل «ما » بمعنى «مَنْ » ، فيكون ذلك قسما من الله جلّ ثناؤه بخالق الذّكر والأنثى ، وهو ذلك الخلق ، وأن تجعل «ما » مع ما بعدها بمعنى المصدر ، ويكون قسما بخلقه الذكر والأنثى .

وقد ذُكر عن عبد الله بن مسعود وأبي الدرداء : أنهما كانا يقرآن ذلك «وَالذّكَرِ وَالأُنْثَىَ » ويأثُرُه أبو الدرداء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

قال بعضهم : إن حرف : "ما" متى قرن بالفعل الماضي صار بمعنى المصدر ، كأنه قال : وخلق الذكر والأنثى ، فيكون قسما بجميع الخلائق ، إذ لا يخلو شيء من أن يكون ذكرا أو أنثى ...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{ وَمَا خَلَقَ } والقادر العظيم القدرة الذي قدر على خلق الذكر والأنثى من ماء واحد ...

محاسن التأويل للقاسمي 1332 هـ :

قال الإمام وإنما أقسم بذاته بهذا العنوان لما فيه من الإشعار بصفة العلم المحيط بدقائق المادة وما فيها والإشارة إلى الإبداع في الصنع إذ لا يعقل أن هذا التخالف بين الذكر والأنثى ، في الحيوان يحصل بمحض الاتفاق من طبيعة لا شعور لها بما تفعل كما يزعم بعض الجاحدين فإن الأجزاء الأصلية في المادة متساوية النسبة إلى كون الذكر أو كون الأنثى فتكوين الولد من عناصر واحدة تارة ذكرا وتارة أنثى دليل على أن واضع هذا النظام عالم بما يفعل محكم فيما يضع ويصنع ...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وكذلك خلقة الذكر والأنثى . . إنها في الأنسان والثدييات الحيوانية نطفة تستقر في رحم . وخلية تتحد ببويضة . ففيم هذا الاختلاف في نهاية المطاف ? ما الذي يقول لهذه : كوني ذكرا . ويقول لهذه : كوني أنثى ? . . إن كشف هذه العوامل التي تجعل هذه النطفة تصبح ذكرا ، وهذه تصبح أنثى لا يغير من واقع الأمر شيئا . . فإنه لماذا تتوفر هذه العوامل هنا وهذه العوامل هناك ? وكيف يتفق أن تكون صيرورة هذه ذكرا ، وصيرورة هذه أنثى هو الحدث الذي يتناسق مع خط سير الحياة كلها ، ويكفل امتدادها بالتناسل مرة أخرى ?

مصادفة ? ! إن للمصادفة كذلك قانونا يستحيل معه أن تتوافر هذه الموافقات كلها من قبيل المصادفة . . فلا يبقى إلا أن هنالك مدبرا يخلق الذكر والأنثى لحكمة مرسومة وغاية معلومة . فلا مجال للمصادفة ، ولا مكان للتلقائية في نظام هذا الوجود أصلا .

والذكر والأنثى شاملان بعد ذلك للأنواع كلها غير الثدييات . فهي مطردة في سائر الأحياء ومنها النبات . . قاعدة واحدة في الخلق لا تختلف . لا يتفرد ولا يتوحد إلا الخالق سبحانه الذي ليس كمثله شيء . .

هذه بعض إيحاءات تلك المشاهد الكونية ، وهذه الحقيقة الإنسانية التي يقسم الله - سبحانه - بها ، لعظيم دلالتها وعميق إيقاعها . والتي يجعلها السياق القرآني إطارا لحقيقة العمل والجزاء في الحياة الدنيا وفي الحياة الأخرى . .

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

والمعنى : وذلك الخلقِ العجيب من اختلاف حالي الذكورة والأنوثة مع خروجهما من أصل واحد ، وتوقف التناسل على تزاوجهما ...

أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن للشنقيطي 1393 هـ :

وفي اختصاص خلق الذكر والأنثى في هذا المقام لفت نظر إلى هذه الصفة ، لما فيها من إعجاز البشر عنها ، كما في الليل والنهار من الإعجاز للبشر من أن يقدروا على شيء في خصوصه ، كما قدمنا في السورة قبلها . وذلك : أن أصل التذكير والتأنيث أمر فوق إدراك وقوى البشر ....

التفسير الحديث لدروزة 1404 هـ :

وجملة { وما خلق الذكر والأنثى } التي جمع فيها من الذكر والأنثى في القسم قرينة على نظرة الله تعالى المتساوية لهما وتسوغ القول : إن ما جاء بعدها من الإشارة إلى أعمال الناس من خير وشر وتيسير الله لهم وفقها يشمل الذكر والأنثى معا . وإن صح استنتاجنا ونرجو أن يكون صحيحا فيكون أول تقرير قرآني لمبدأ تكليف الذكر والأنثى على السواء تكليفاً متساوياً بكل ما يتصل بشؤون الدين والدنيا ولمبدأ ترتيب نتائج سعي كل منهما وفقا لما يكون من نوع هذا السعي من خير وشر ونفع وضر وهدى وضلال . وأول تقرير قرآني لتساوي الذكر والأنثى في القابليات التي يختار كل منهما عمله وطريقه بها . ولقد تكرر تقرير كل ذلك كثيراً وبأساليب متنوعة وفي القرآن المكي والمدني معا . ومن ذلك آيتان مهمتان في بابهما في سورة الأحزاب وهما : { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا( 72 ) لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا( 73 ) } . وجمهور المؤولين والمفسرين على أن كلمة " الأمانة " تعني هنا : التكليف أي ما رسمه الله للإنسان من واجبات ونهاه عنه من محظورات . والإنسان في الآية الأولى مطلق أريد به الإنسان الذي يمثله الذكر والأنثى معاً بدليل الآية الثانية التي احتوت إنذاراً للمنافقات والمشركات اللاتي ينحرفن عن التكليف أسوة بالمنافقين والمشركين وبُشرى للمؤمنات اللاتي يلتزمن حدود الله المرسومة أسوة بالمؤمنين على قدم المساواة ، وفي ذلك ما فيه من روعة وجلال . ...

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

التكامل الحيّ في حركة الوجود:

{ وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنثَى } ربما كانت " ما " موصولة ، أي أقسم بالذي خلق الذكر والأنثى وهو الله ، وكان من المفروض أن يكون التعبير بمن التي هي للعاقل ، ولكن جاء التعبير ب «ما » إيثاراً للتفخيم المشعر بالتعجيب والتفخيم ، أي أقسم بالشيء العجيب الذي أوجد الذكر والأنثى المختلفين في خصائصهما الذاتية وأدوارهما الوجودية مع كونهما خلقاً واحداً . وربما كانت مصدرية بمعنى أقسم بخلق الذكر والأنثى اللذين يمثلان التنوع الذي تتكامل به الحياة ....

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

ثمّ القسم الأخير في السّورة بالخالق المتعال : ( وما خلق الذكر والأنثى ) . فوجود الجنسين في عالم «الإنسان » و«الحيوان » و«النبات » . . . والمراحل التي تمرّ بها النطفة منذ انعقادها حتى الولادة . . . والخصائص التي يمتاز بها كلّ جنس متناسبة مع دوره ونشاطه . . . والأسرار العميقة المخبوءة في مفهوم الجنسية . . . كلّها من دلالات وآيات عالم الخليقة الكبير . . . وبها يمكن الوقوف على عظمة الخالق . والتعبير ب «ما » عن الخالق سبحانه كناية عن عظمة الذات الإلهية ، وما يحيط بهذه الذات من غموض تجعله سبحانه فوق كلّ وهم وخيال وظن وقياس . قال بعضهم أن «ما » في الآية مصدرية ، ومعناها أقسم بخلق الذكر والأنثى وهذا الاحتمال ضعيف في معنى الآية . ...