معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّمَا كَانَ قَوۡلَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ إِذَا دُعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ لِيَحۡكُمَ بَيۡنَهُمۡ أَن يَقُولُواْ سَمِعۡنَا وَأَطَعۡنَاۚ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ} (51)

قوله تعالى : { إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله } إلى كتاب الله ورسوله ، { ليحكم بينهم } هذا ليس على طريق الخبر لكنه تعليم أدب الشرع على معنى أن المؤمنين كذا ينبغي أن يكونوا ، ونصب القول على الخبر واسمه في قوله تعالى : { أن يقولوا سمعنا وأطعنا } يعني : سمعنا الدعاء وأطعنا بالإجابة . { وأولئك هم المفلحون * }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّمَا كَانَ قَوۡلَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ إِذَا دُعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ لِيَحۡكُمَ بَيۡنَهُمۡ أَن يَقُولُواْ سَمِعۡنَا وَأَطَعۡنَاۚ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ} (51)

46

فأما المؤمنون حقا فلهم أدب غير هذا مع الله ورسوله . ولهم قول آخر إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم ؛ هو القول الذي يليق بالمؤمنين ؛ وينبىء عن إشراق قلوبهم بالنور :

( إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا : سمعنا وأطعنا . ولئك هم المفلحون ) . .

فهو السمع والطاعة بلا تردد ولا جدال ولا انحراف . السمع والطاعة المستمدان من الثقة المطلقة في أن حكم الله ورسوله هو الحكم وما عداه الهوى ؛ النابعان من التسليم المطلق لله ، واهب الحياة ، المتصرف فيها كيف يشاء ؛ ومن الاطمئنان إلى أن ما يشاؤه الله للناس خير مما يشاءونه لأنفسهم . فالله الذي خلق أعلم بمن خلق . .

( وأولئك هم المفلحون ) . . المفلحون لأن الله هو الذي يدبر أمورهم ، وينظم علاقاتهم ، ويحكم بينهم بعلمه وعدله ؛ فلا بد أن يكونوا خيرا ممن يدبر أمورهم ، وينظم علاقاتهم ، ويحكم بينهم بشر مثلهم ، قاصرون لم يؤتوا من العلم إلا قليلا . . والمفلحون لأنهم مستقيمون على منهج واحد ، لا عوج فيه ولا التواء ، مطمئنون إلى هذا المنهج ، ماضون فيه لا يتخبطون ، فلا تتوزع طاقاتهم ، ولا يمزقهم الهوى كل ممزق ، ولا تقودهم الشهوات والأهواء . والنهج الإلهي أمامهم واضح مستقيم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّمَا كَانَ قَوۡلَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ إِذَا دُعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ لِيَحۡكُمَ بَيۡنَهُمۡ أَن يَقُولُواْ سَمِعۡنَا وَأَطَعۡنَاۚ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ} (51)

وقرأ الجمهور «قولَ » بالنصب ، وقرأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه والحسن وابن أبي إسحاق «قولُ » بالرفع ، واختلف عنهما قال أبو الفتح شرط { كان } أن يكون اسمها أعرف من خبرها فقراءة الجمهور أقوى ، والمعنى إنما كان الواجب أن يقوله المؤمنون { إذا دعوا إلى } حكم { الله ورسوله } { سمعنا وأطعنا } فكأن هذه ليست إخباراً عن ماضي زمن وإنما كقول الصديق : ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم{[8750]} . وجعل الدعاء إلى الله من حيث هو إلى شرعة ودينه ، وقرأ الجمهور «ليَحكُم » على بناء الفعل للفاعل ، وقرأ أبو جعفر والجحدري وخالد بن إلياس والحسن «ليُحكَم » على بناء الفعل للمفعول ، و { المفلحون } البالغون آمالهم في دنياهم وآخرتهم .


[8750]:ومثل هذا قوله تعالى: {وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا} وقوله تعالى: {وما كان جواب قومه إلا أن قالوا}، واسم [كان] في آيتنا هنا هو {أن يقولوا سمعنا وأطعنا}، وهو أعرف من قول المؤمنين الذي جعلناه خبرا لكان، قال أبو الفتح: وهو أعرف لأن "أن" وصلتها تشبه المضمر من حيث لا يجوز وصفها كالمضمر، والمضمر أعرف من قول المؤمنين، وقال أبو حيان: هو أعرف لأنه لا سبيل عليه للتنكير.