فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِنَّمَا كَانَ قَوۡلَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ إِذَا دُعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ لِيَحۡكُمَ بَيۡنَهُمۡ أَن يَقُولُواْ سَمِعۡنَا وَأَطَعۡنَاۚ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ} (51)

ثم لما ذكر ما كان عليه أهل النفاق ، أتبعه بما يجب على المؤمنين أن يفعلوه إذا دعوا إلى حكم الله ورسوله ، فقال :

{ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ } أي : إلى كتاب الله العزيز وسنة رسوله المطهرة { لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ، أَن يَقُولُوا : سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا } أي هذا القول ، لا قولا آخر ، وهذا وإن كان على طريقة الخبر ، فليس المراد به ذلك ، بل المراد به تعليم الأدب الشرعي عند هذه الدعوة من أحد المتخاصمين للآخر ، والمعنى أنه ينبغي للمؤمنين أن يكونوا هكذا ، إذا سمعوا الدعاء المذكور ، قابلوه بالطاعة والإذعان والإجابة . قال مقاتل وغيره : يقولون : سمعنا قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وأطعنا أمره ، وإن كان ذلك فيما يكرهونه ويضرهم .

وقد قدمنا الكلام على الدعوة إلى الله ورسوله للحكم بين المتخاصمين ، وذكرنا من تجب الإجابة إليه من القضاة ، ومن لا تجب ، وهذه الآية على إيجازها حاوية لكل ما ينبغي للمؤمنين أن يفعلوه . ثم أثنى سبحانه عليهم بقوله :

{ وَأُوْلَئِكَ } المؤمنون الذين قالوا هذا القول { هُمُ الْمُفْلِحُونَ } أي : الناجون الفائزون بخيري الدنيا والآخرة ،