البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{إِنَّمَا كَانَ قَوۡلَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ إِذَا دُعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ لِيَحۡكُمَ بَيۡنَهُمۡ أَن يَقُولُواْ سَمِعۡنَا وَأَطَعۡنَاۚ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ} (51)

{ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }

وقرأ عليّ وابن أبي إسحاق والحسن { إنما كان قول } بالرفع والجمهور بالنصب .

قال الزمخشري : والنصب أقوى لأن أولى الاسمين بكونه اسماً لكان أو غلهما في التعريف و { أن يقولوا } أو غل لأنه لا سبيل عليه للتنكير بخلاف قول المؤمنين .

وكان هذا من قبيل كان في قوله { ما كان لله أن يتخذ من ولد } { ما يكون لنا أن نتكلم بهذا } انتهى .

ونص سيبويه على أن اسم كان وخبرها إذا كانتا معرفتين فأنت بالخيار في جعل ما شئت منهما الاسم والآخر الخبر من غير اعتبار شرط في ذلك ولا اختيار .

وقرأ أبو جعفر والجحدري وخالد بن الياس { ليحكم بينهم } مبنياً للمفعول ، والمفعول الذي لم يسم فاعله هو ضمير المصدر أي { ليحكم } هو أي الحكم ، والمعنى ليفعل الحكم { بينهم } ومثله قولهم : جمع بينهما وألف بينهما وقوله تعالى { وحيل بينهم } قال الزمخشري : ومثله { لقد تقطع بينكم } فيمن قرأ { بينكم } منصوباً أي وقع التقطع بينكم انتهى .

ولا يتعين ما قاله في الآية إذ يجوز أن يكون الفاعل ضميراً يعود على شيء قبله وتقدم الكلام في ذلك في موضعه .

{ أن يقولوا سمعنا } أي قول الرسول { وأطعنا } أي أمره .

وقرىء { ويتقه } بالإشباع والاختلاس والإسكان .

وقرىء { ويتقه } بسكون القاف وكسر الهاء من غير إشباع أجرى خبر كان المنفصل مجرى المتصل ، فكما يسكن علم فيقال علم كذلك سكن ويتقه لأنه تقه كعلم وكما قال السالم :

قالت سليمى اشتر لنا سويقاً***

يريد اشتر لنا

47