معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{مَآ أَنتُمۡ عَلَيۡهِ بِفَٰتِنِينَ} (162)

قوله تعالى : { ما أنتم عليه } على ما تعبدون ، { بفاتنين } بمضلين أحداً .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{مَآ أَنتُمۡ عَلَيۡهِ بِفَٰتِنِينَ} (162)

149

ثم يتوجه الخطاب إلى المشركين وما يعبدون من آلهة مزعومة ، وما هم عليه من عقائد منحرفة . يتوجه الخطاب إليهم ، من الملائكة كما يبدو من التعبير :

( فإنكم وما تعبدون ، ما أنتم عليه بفاتنين ، إلا من هو صال الجحيم . وما منا إلا له مقام معلوم . وإنا لنحن الصافون . وإنا لنحن المسبحون ) .

أي إنكم وما تعبدون لا تفتنون على الله ولا تضلون من عباده إلا من هو محسوب من أهل الجحيم ، الذين قدر عليهم أن يصلوها . وما أنتم بقادرين على فتنة قلب مؤمن الفطرة محسوب من الطائعين . فللجحيم وقود من نوع معروف ، طبيعته تؤهله أن يستجيب للفتنة ؛ ويستمع للفاتنين .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{مَآ أَنتُمۡ عَلَيۡهِ بِفَٰتِنِينَ} (162)

{ ما أنتم عليه } : على الله ، { بفاتنين } : مفسدين الناس بالإغواء .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{مَآ أَنتُمۡ عَلَيۡهِ بِفَٰتِنِينَ} (162)

وقوله تعالى : { فإنكم وما تعبدون } بمعنى قل لهم يا محمد إنكم وإصنامكم ما أنتم بمضلين أحداً بسببها . وعليها الأمر سبق عليه القضاء وضمه القدر ، بأنه يصلى الجحيم في الآخرة ، وليس عليكم إضلال من هدى الله تعالى ، وقالت فرقة { عليه } ، بمعنى به ، و «الفاتن » المضل في هذا الموضع وكذلك فسر ابن عباس والحسن بن أبي الحسن ، وقال ابن الزبير على المنبر : إن الله هو الهادي والفاتن ، و { من } في موضع نصب { بفاتنين } .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{مَآ أَنتُمۡ عَلَيۡهِ بِفَٰتِنِينَ} (162)

ضمير { أنتُمْ } خطاب للمشركين مثل ضمير « إنكم » .

والمعنى : أنكم مصطحبين بالجن الذين تعبدونهم لا تَفتنون أحداً . ووجه ذكر المفعول معه أنهم كانوا يموهون للناس أن الجن تنفع وتضر وأن الأصنام كذلك وكانوا يخوّفون الناس من بأسها وانتقامها كما قالت امرأة الطفيل بن عَمرو الدوسي لما أسلم ودعاها إلى الإسلام « ألا تخشى على الصِبية من ذي الشّرى ؟ قال : لا » فأسلمتْ وكانوا يزعمون أن من يسبّ الأصنام يصيبه البرص أو الجذام .

قال ابن إسحاق : لما قدم ضمام بن ثعلبة وافدُ بني سعد بننِ بكر على قومه من عند النبي صلى الله عليه وسلم قال في قوله : باسَت اللاتُ والعُزى . فقالوا : يا ضمام اتق الجذام اتق الجنون . ولا يستقيم أن تكون الواو عاطفة لأن الأصنام لا يسند إليها الإِفتان .

وجوّز في « الكشاف » أن يكون قوله : { وما تعبدونَ } مفعولاً معه سادّاً مسدّ خبر ( إن ) ، والمعنى : فإنكم مع ما تعبدون ، أي فإنكم قرناء لآلهتكم لا تبرحون تَعبدونها ، وهذا كما يقولون « كل رجل وضيعتَه » أي مع ضيعته ، أي مقارن لها .

و { ما تعبدون } صادق على الجن لقوله تعالى : { وجعلوا لله شركاء الجن } [ الأنعام : 100 ] لأن الجن تَصدر منهم فتنة الناس بالإِشراك دون الأصنام إذ لا يتصور ذلك منها قال تعالى : { ويوم نحشرهم وما يعبدون من دون اللَّه فيقول أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء } [ الفرقان : 17 ] الآية .

وضمير { عَلَيْهِ } يجوز أن يكون عائداً إلى اسم الجلالة في قوله : { ليقولون ولَدَ الله } [ الصافات : 151 - 152 ] أو في قوله : { إلاَّ عباد الله } [ الصافات : 160 ] ، ويجوز أن يعود إلى { ما تعبدون } بمراعاة إفراد اسم الموصول وهو { ما .

وحذف مفعول فاتنين } لقصد العموم . والتقدير : بفاتنين أحداً ، ومعياره صحة الاستثناء في قوله : { إلاَّ من هُو صَالِ الجحيم } فالاستثناء مفرغ والمستثنى مفعول { بفاتِنِينَ } . وحرف ( على ) يتعلق ب« فاتنين » إمّا لتضمين « فاتنين » معنى مفسدين إن كان الضمير المجرور بها عائداً إلى اسم الجلالة كما يقال : فسد العبدُ على سيّده وخَلّق فلان المرأةَ على زوجها ، وتكون ( على ) للاستعلاء المجازي لأن تضمين مفسدين فيه معنى الغلبة .

وإما لتضمينه معنى حاملين ومسؤولين ويكون ( على ) بمعنى لام التعليل كقوله : { ولتكبروا اللَّه على ما هداكم } [ البقرة : 185 ] ويكون تقدير مضاف بين ( على ) ومجرورها تقديره : على عبادة ما تعبدون ، والمعنى : أنكم والشياطين لا يتبعكم أحد في دينكم إلا من عرض نفسه ليكون صاليَ الجحيم ، وهذا في معنى قوله تعالى : { إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلاّ من اتّبعك من الغاوين وإن جهنم لموعدهم أجمعين } [ الحجر : 42 - 43 ] .