فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{مَآ أَنتُمۡ عَلَيۡهِ بِفَٰتِنِينَ} (162)

{ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ } : أي فإنكم وآلهتكم التي تعبدون من دون الله لستم بفاتنين على الله بإفساد عباده ، وإضلالهم ، وعلى متعلقة بفاتنين والواو في وما تعبدون إما للعطف على اسم إن أو هو بمعنى مع وما موصولة أو مصدرية أي فإنكم والذي تعبدون أو عبادتكم ومعنى فاتنين مضلين ، يقال : فتنت الرجل وأفتنته ويقال فتنه على الشيء وبالشيء كما يقال : أضله على الشيء ، وأضله به ، قال الفراء : أهل الحجاز يقولون فتنته ، وأهل نجد يقولون : أفتنته ، ويقال : فتن فلان على فلان امرأته ، أي أفسدها عليه ، فالفتنة هنا بمعنى الإضلال والإفساد ، قال مقاتل : يقول : ما أنتم بمضلين أحدا بآلهتكم إلا من قدر الله له أن يصلى الجحيم .

و ( ما ) في ( ما أنتم ) نافية . ( وأنتم ) خطاب لهم ولمن يعبدونه على التغليب ، قال الزجاج : أهل التفسير مجمعون فيما علمت أن المعنى ما أنتم بمضلين أحدا إلا من قدر الله عز وجل عليه أن يضل ، والجملة تعليل وتحقيق لبراءة المخلصين ببيان عجزهم عن إغوائهم وإضلالهم ، والالتفات إلى الخطاب لإظهار كمال الاعتناء بتحقيق مضمون الكلام .