الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{مَآ أَنتُمۡ عَلَيۡهِ بِفَٰتِنِينَ} (162)

ثم قال تعالى{[57890]} : { فإنكم وما تعبدون ، ما أنتم عليه بفاتنين ، إلا من هو صال الجحيم } أي : فإنكم أيها المشركون وما تعبدون من الآلهة ما أنتم على ما تعبدون من ذلك بفاتنين أي : بمضلين من أحد إلا من هو صال الجحيم ، أي : أي من سبق له في علم الله أنه يضل فيدخل النار .

وقيل : " عليه " في قوله " ما أنتم عليه " بمعنى له هذا كله معنى قول ابن عباس والحسن/ وقتادة والسدي وابن زيد{[57891]} .

والتقدير عند جميعهم : لستم تضلون أحدا إلا من سبق في علم الله أنه من أهل الشقاء وأهل النار .

وفي هذه الآية رد على القدرية لأن الضلال والهدى كل بمشيئة الله{[57892]} وقضائه{[57893]} خلق هؤلاء للجنة وهؤلاء للشقاء فالشياطين لا تضل إلا من كتب الله عليه أنه لا يهتدي . فأما من تقدم له في علم الله{[57894]} الهدى فإنه تعالى يحول بينهم وبينه{[57895]} فلا يصلون إلى إضلاله{[57896]} .

قال عمر بن عبد العزيز{[57897]} : لو أراد الله أن لا يعصي لم يخلق إبليس وإنه لبين{[57898]} في كتاب الله{[57899]} في آية علمها من علمها وجهلها من جهلها ثم قرأ { فإنكم وما تعبدون ، ما أنتم عليه بفاتنين ، إلا من صال الجحيم }{[57900]} .


[57890]:ساقط من ب
[57891]:انظر: جامع البيان 23/109 والمحرر الوجيز 13/260 والدر المنثور 7/134
[57892]:ب: "الله عز وجل"
[57893]:ب: "وقضائه تعالى"
[57894]:ب: "الله سبحانه"
[57895]:ب: "بينهم وبينهم"
[57896]:ب: "الضلالة"
[57897]:ب: "رضي الله عنهم"
[57898]:ب: "ليس" هو تحريف
[57899]:ب: "الله عز وجل"
[57900]:انظر: الجامع للقرطبي 15/136 والدر المنثور 7/134