معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلشَّجَرِ ٱلۡأَخۡضَرِ نَارٗا فَإِذَآ أَنتُم مِّنۡهُ تُوقِدُونَ} (80)

77

قوله تعالى : { الذي جعل لكم من الشجر الأخضر ناراً } قال ابن عباس : هما شجرتان يقال لإحدهما : المرخ والأخرى : العفار ، فمن أراد منهم النار قطع منها غصنين مثل السواكين وهما خضراوان يقطر منهما الماء ، فيستحق المرخ على العفار فيخرج منهما النار بإذن الله عز وجل . تقول العرب : في كل شجر نار واستمجد المرخ والعفار ، وقال الحكماء : في كل شجر ناء إلا العناب . { فإذا أنتم منه توقدون } تقدحون وتوقدون النار من ذلك الشجر ، ثم ذكر ما هو أعظم من خلق الإنسان .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلشَّجَرِ ٱلۡأَخۡضَرِ نَارٗا فَإِذَآ أَنتُم مِّنۡهُ تُوقِدُونَ} (80)

ثم يزيدهم إيضاحاً لطبيعة القدرة الخالقة ، وصنعها فيما بين أيديهم وتحت أعينهم مما يملكون :

( الذي جعل لكم من الشجر الأخضر ناراً فإذا أنتم منه توقدون ) . .

والمشاهدة الأولية الساذجة تقنع بصدق هذه العجيبة ! العجيبة التي يمرون عليها غافلين . عجيبة أن هذا الشجر الأخضر الريان بالماء ، يحتك بعضه ببعض فيولد ناراً ؛ ثم يصير هو وقود النار . بعد اللدونة والاخضرار . . والمعرفة العلمية العميقة لطبيعة الحرارة التي يختزنها الشجر الأخضر من الطاقة الشمسية التي يمتصها ، ويحتفظ بها وهو ريان بالماء ناضر بالخضرة ؛ والتي تولد النار عند الاحتكاك ، كما تولد النار عند الاحتراق . . هذه المعرفة العلمية تزيد العجيبة بروزاً في الحس ووضوحاً . والخالق هو الذي أودع الشجر خصائصه هذه . والذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى . غير أننا لا نرى الأشياء بهذه العين المفتوحة ولا نتدبرها بذلك الحس الواعي .

فلا تكشف لنا عن أسرارها المعجبة . ولا تدلنا على مبدع الوجود . ولو فتحنا لها قلوبنا لباحت لنا بأسرارها ، ولعشنا معها في عبادة دائمة وتسبيح !

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلشَّجَرِ ٱلۡأَخۡضَرِ نَارٗا فَإِذَآ أَنتُم مِّنۡهُ تُوقِدُونَ} (80)

{ الذي جعل لكم من الشجر الأخضر } كالمرخ والعفار . { نارا } بأن يسحق المرخ على العفار وهما خضراوان يقطر منهما الماء فتنقدح النار . { فإذا أنتم منه توقدون } لا تشكون فإنها نار تخرج منه ، ومن قدر على إحداث النار من الشجر الأخضر مع ما فيه من المائية المضادة لها بكيفيتها كان أقدر على إعادة الغضاضة فيما كان غضا فيبس وبلي ، وقرئ من " الشجر الخضراء " على المعنى كقوله { فمالئون منها البطون } .