فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلشَّجَرِ ٱلۡأَخۡضَرِ نَارٗا فَإِذَآ أَنتُم مِّنۡهُ تُوقِدُونَ} (80)

{ الذى جَعَلَ لَكُم مّنَ الشجر الأخضر نَاراً } هذا رجوع منه سبحانه إلى تقرير ما تقدّم من دفع استبعادهم ، فنبه سبحانه على وحدانيته ، ودل على قدرته على إحياء الموات بما يشاهدونه من إخراج النار المحرقة من العود النديّ الرطب ، وذلك أن الشجر المعروف بالمرخ ، والشجر المعروف بالعفار إذا قطع منهما عودان ، وضرب أحدهما على الآخر انقدحت منهما النار ، وهما أخضران .

وقيل : المرخ هو الذكر ، والعفار هو الأنثى ، ويسمى الأوّل الزند ، والثاني الزندة ، وقال : { الأخضر } ، ولم يقل : " الخضراء " اعتباراً باللفظ . وقرئ " الخضر " اعتباراً بالمعنى ، وقد تقرّر أنه يجوز تذكير اسم الجنس ، وتأنيثه كما في قوله : { نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ } [ القمر : 20 ] وقوله : { نَخْلٍ خَاوِيَةٍ } [ الحاقة : 7 ] فبنو تميم ونجد يذكَّرونه ، وأهل الحجاز يؤنثونه إلا نادراً ، والموصول بدل من الموصول الأوّل { فَإِذَا أَنتُم مّنْه تُوقِدُونَ } أي تقدحون منه النار ، وتوقدونها من ذلك الشجر الأخضر .

/خ83