معاني القرآن للفراء - الفراء  
{ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلشَّجَرِ ٱلۡأَخۡضَرِ نَارٗا فَإِذَآ أَنتُم مِّنۡهُ تُوقِدُونَ} (80)

وقوله : { مِّنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ 80 }

ولم يقل : الخُضْر . وقد قال الله { مُتَّكِئِينَ على رَفْرَفٍ خُضْرٍ } ولم يقل : أخضر . والرَفْرف ذكر مثل الشجر . والشجر أشدّ اجتماعاً وأشبه بالواحِد من الرفرف ؛ ألا ترى اجتماعه كاجتماع العُشْب والحَصَى والتمر ، وأنت تقول : هذا حَصىً أبيض وحَصىً أسود ، لأنّ جمعه أكثر في الكلام مِن انفرادِ واحِده . ومثله الحنطة السمراء ، وهي واحدة في لفظ جمع . ولو قيل حنطة سُمر كان صواباً ولو قيل الشجر الخُضْر كان صوابا كما قيل الحنطة السمراء وقد قال الآخر :

بهرجاب ما دام الأراك به خُضْراً *** . . .

فقال : خُضْراً ولم يَقل : أخضر . وكلّ صَوَاب . والشجر يؤنَّث ويذكر . قال الله { لآكِلوُنَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ فَمالِئُونَ مِنْها البُطُون } فأنَّث . وقال { وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ } فذكَّر ولم يقل : فيها . وقال { فَإِذَا أَنتُم مِّنْه تُوقِدُونَ } فذكّر .