تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلشَّجَرِ ٱلۡأَخۡضَرِ نَارٗا فَإِذَآ أَنتُم مِّنۡهُ تُوقِدُونَ} (80)

الآية 80 وقوله تعالى : { الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون } اختلف فيه :

قال بعضهم : هو نوع من الشجر ، يقال : المَرْخُ ، كانوا يورون منه النار . وقيل : هو الزيتون الذي يُسرج منه . وتأويله : أن الشجر الأخضر ، خضرته إنما تكون من الماء ، والماء تطفئ النار ، والنار تأكل الحطب والخشب . فمن قدر على الجمع بين المتضادين وحفظ كل واحد منهما عن صاحبه مما السبيل منها التنافر والتدافع [ فهو قادر ]{[17585]} على البعث ، ولا{[17586]} يعجزه شيء .

وقال بعضهم : قوله : { الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون } هو أنشأ لكم من الشجر [ ما تتنزّهون به ]{[17587]} وتتلذّذون ما دام أخضر . فإذا أدرك ، وبلغ ، تنتفعون [ بثماره وفواكهه ]{[17588]} ثم يصير حطبا ، توقدون منه{[17589]} النار ، وتصطلون . فمن قدر على ما ذكرنا لا يُحتمل أن يُعجزه شيء . أو من فعل ما ذكر لا يحتمل أن يفعله عبثا باطلا .

فلو كان على ما قاله الكفرة : أن لا بعث ، ولا نشور ، كان فعل ذلك عبثا باطلا ، والله أعلم .


[17585]:في الأصل وم: القادر.
[17586]:في الأصل وم: وأنه لا.
[17587]:يتنزهون بها.
[17588]:في الأصل وم: بثمارها وفواكهها.
[17589]:في الأصل وم: منها.