البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلشَّجَرِ ٱلۡأَخۡضَرِ نَارٗا فَإِذَآ أَنتُم مِّنۡهُ تُوقِدُونَ} (80)

{ الذي جعل لكم من الشجر الأخضر ناراً } : ذكر ما هو أغرب من خلق الإنسان من النطفة ، وهو إبراز الشيء من ضده ، وذلك أبدع شيء ، وهو اقتداح النار من الشيء الأخضر .

ألا ترى أن الماء يطفى النار ؟ ومع ذلك خرجت مما هو مشتمل على الماء .

والأعراب توري النار من الشجر الأخضر ، وأكثرها من المرخ والعفار .

وفي أمثالهم : في كل شيء نار ، واستمجد المرخ والعفار .

يقطع الرجل منهما غصنين مثل السواكين ، وهما أخضران يقطر منهما الماء ، فيستحق المرخ وهو ذكر ، والعفار وهي أنثى ، ينقدح النار بإذن الله عز وجل .

وعن ابن عباس : ليس شجر إلا وفيه نار إلا العنا .

وقرأ الجمهور : الأخضر ؛ وقرىء : الخضراء ؛ وأهل الحجاز يؤنثون الجنس المميز واحده بالتاء ؛ وأهل نجد يذكرون ألفاظاً ، واستثنيت في كتب النحو .