وهؤلاء الذين لم يطلبوا لأنفسهم شيئا ، أعطاهم الله من عنده كل شيء . أعطاهم من عنده كل ما يتمناه طلاب الدنيا وزيادة . وأعطاهم كذلك كل ما يتمناه طلاب الآخرة ويرجونه :
( فآتاهم الله ثواب الدنيا ، وحسن ثواب الآخرة ) . .
وشهد لهم - سبحانه - بالإحسان . فقد أحسنوا الأدب وأحسنوا الجهاد ، وأعلن حبه لهم . وهو أكبر من النعمة وأكبر من الثواب :
وهكذا تنتهي هذه الفقرة في الاستعراض ؛ وقد تضمنت تلك الحقائق الكبيرة في التصور الإسلامي . وقد أدت هذا الدور في تربية الجماعة المسلمة . وقد ادخرت هذا الرصيد للأمة المسلمة في كل جيل . .
{ فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا } أي : النصر والظفر والعاقبة{[5809]} { وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ } أي : جمَع لهم ذلك مع هذا ، { وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } .
و { ثواب الدنيا } في هذه الآية : الظهور على عدوهم ، قاله ابن إسحاق وقتادة وغيرهما ، وقال ابن جريج : الظفر والغنيمة ، وفسر بهذا جماعة من المؤلفين في التفسير ، قال النقاش : ليس إلا الظفر والغلبة فقط ، لأن الغنيمة لم تحلل إلا لهذه الأمة .
قال الفقيه الإمام : وهذا اعتراض صحيح ، { وحسن ثواب الآخرة } الجنة بلا خلاف ، وعبر بلفظة «حسن » زيادة في الترغيب{[3600]} وباقي الآية بين .
قوله : { فأتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة } إعلام بتعجيل إجابة دعوتهم لِحصول خيري الدنيا والآخرة ، فثواب الدّنيا هو الفتح والغنيمة ، وثواب الآخرة هو ما كتب لهم حينئذ من حسن عاقبة الآخرة ، ولذلك وصفه بقوله : { وحسن ثواب الآخرة } لأنَّه خيرٌ وأبقى . وتقدّم الكلام على الثّواب عند قوله تعالى في سورة [ البقرة : 103 ] { لمثوبة من عند اللَّه خير }
وجملة { والله يحب المحسنين } تذييل أي يحبّ كلّ محسن ، وموقع التذييل يدلّ على أنّ المتحدّث عنهم هم من الَّذين أحسنوا ، فاللام للجنس المفيد معنى الاستغراق ، وهذه من أكبر الأدلّة على أنّ ( أل ) الجنسية إذا دخلت على جمع أبطلت منه معنى الجمعية ، وأنّ الاستغراق المفاد من ( أل ) إذا كان مدخولها مفرداً وجملة سواء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.