وفي نهاية الاستعراض الذي شمل نماذج من الرسل ، ونماذج من الابتلاء ، ونماذج من رحمة الله - يعقب بالغرض الشامل من هذا الاستعراض :
( إن هذه أمتكم أمة واحدة ، وأنا ربكم فاعبدون ) . .
إن هذه أمتكم . أمة الأنبياء . أمة واحدة . تدين بعقيدة واحدة . وتنهج نهجا واحدا . هو الاتجاه إلى الله دون سواه .
أمة واحدة في الأرض ، ورب واحد في السماء . لا إله غيره ولا معبود إلا إياه .
أمة واحدة وفق سنة واحدة ، تشهد بالإرادة الواحدة في الأرض والسماء .
وهنا يلتقي هذا الاستعراض بالمحور الذي تدور عليه السورة كلها ؛ وتشترك في تقرير عقيدة التوحيد ، تشهد بها مع سنن الكون وناموس الوجود . .
قال ابن عباس ، ومجاهد ، وسعيد بن جُبَيْر ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله : { إِنَّ{[19851]} هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً } يقول : دينكم دين واحد .
وقال الحسن البصري ؛ في{[19852]} هذه الآية : بين لهم ما يتقون وما يأتون ثم قال : { إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً } أي : سنتكم سنة واحدة . فقوله : { إِنَّ هَذِهِ } إنّ واسمها ، و { أُمَّتُكُمْ } خبر إن ، أي : هذه شريعتكم التي بينت لكم ووضحت لكم ، وقوله : { أُمَّةً وَاحِدَةً } نصب{[19853]} على الحال ؛ ولهذا قال : { وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ } ، كَمَا قَالَ : { يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ * وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ } [ المؤمنون : 51 ، 52 ] ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نحن معشر الأنبياء أولاد عَلات ديننا واحد " ، يعني : أن المقصود هو عبادة الله وحده لا شريك له بشرائع متنوعة لرسله ، كما قال تعالى : { لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا } [ المائدة : 48 ] .
{ إن هذه أمتكم } أي إن ملة التوحيد والإسلام ملتكم التي يجب أن تكونوا عليها فكونوا عليها . { أمة واحدة } غير مختلفة فيما بين الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ولا مشاركة لغيرها في صحة الاتباع . وقرئ { أمتكم } بالنصب على البدل { أمة } بالرفع على الخبر وقرئتا بالرفع عن أنهما خبران . { وأنا ربكم } لا إله لكم غيري { فاعبدون } لا غير .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.