البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{إِنَّ هَٰذِهِۦٓ أُمَّتُكُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَأَنَا۠ رَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُونِ} (92)

والظاهر أن قوله { أمتكم } خطاب لمعاصري الرسول صلى الله عليه وسلم و { هذه } إشارة إلى ملة الإسلام ، أي إن ملة الإسلام هي ملتكم التي يجب أن تكونوا عليها لا تنحرفون عنها ملة واحدة غير مختلفة ، ويحتمل أن تكون { هذه } إشارة إلى الطريقة التي كان عليها الأنبياء المذكورون من توحيد الله تعالى هي طريقتكم وملتكم طريقة واحدة لا اختلاف فيها في أصول العقائد ، بل ما جاء به الأنبياء من ذلك هو ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم .

وقيل : معنى { أمة واحدة } مخلوقة له تعالى مملوكة له ، فالمراد بالأمة الناس كلهم .

وقيل : الكلام يحتمل أن يكون متصلاً بقصة مريم وابنها أي { وجعلناها وابنها آية للعالمين } بأن بعث لهم بملة وكتاب ، وقيل لهم { إن هذه أمتكم } أي دعا الجميع إلى الإيمان بالله وعبادته .

ثم أخبر تعالى أنهم بعد ذلك اختلفوا { وتقطعوا أمرهم } وقرأ الجمهور { أمتكم } بالرفع خبر إن { أمة واحدة } بالنصب على الحال ، وقيل بدل من { هذه } وقرأ الحسن { أمتكم } بالنصب بدل من { هذه } .

وقرأ أيضاً هو وابن إسحاق والأشهب العقيلي وأبو حيوة وابن أبي عبلة والجعفي وهارون عن أبي عمرو والزعفراني { أمتكم أمة واحدة } برفع الثلاثة على أن { أمتكم } و { أمة واحدة } خبر { إن } أو { أمة واحدة } بدل من { أمتكم } بدل نكرة من معرفة ، أو خبر مبتدأ محذوف أي هي { أمة واحدة }