فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِنَّ هَٰذِهِۦٓ أُمَّتُكُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَأَنَا۠ رَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُونِ} (92)

ثم لما ذكر سبحانه الأنبياء بيّن أنهم كلهم مجتمعون على التوحيد فقال : { إِنَّ هذه أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً } والأمة : [ الدّين ] كما قال ابن قتيبة ، ومنه : { إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا على أمة } [ الزخرف : 22 ] أي على دين ، كأنه قال : إن هذا دينكم دين واحد لا خلاف بين الأمم المختلفة في التوحيد ، ولا يخرج عن ذلك إلا الكفرة المشركون بالله ، وقيل : المعنى إن هذه الشريعة التي بينتها لكم في كتابكم شريعة واحدة ، وقيل : المعنى إن هذه ملتكم ملة واحدة ، وهي ملة الإسلام . وانتصاب { أمة واحدة } على الحال ، أي متفقة غير مختلفة ، وقرئ : «إن هذه أمتكم » بنصب أمتكم على البدل من " اسم " إنّ والخبر أمة واحدة . وقرئ برفع { أمتكم } ورفع { أمة } على أنهما خبران ؛ وقيل : على إضمار مبتدأ أي : هي أمة واحدة . وقرأ الجمهور برفع ( أمتكم ) على أنه الخبر ونصب ( أمة ) على الحال كما قدّمنا . وقال الفراء والزجاج : على القطع بسبب مجيء النكرة بعد تمام الكلام { وَأَنَا رَبُّكُمْ فاعبدون } خاصة ، لا تعبدوا غيري كائناً ما كان .

/خ97