معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَٱلسَّـٰبِقُونَ ٱلسَّـٰبِقُونَ} (10)

قوله تعالى : { والسابقون السابقون } قال ابن عباس : السابقون إلى الهجرة هم " السابقون " في الآخرة . وقال عكرمة : " السابقون " إلى الإسلام . قال ابن سيرين : هم الذين صلوا إلى القبلتين ، دليله : قوله :{ والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار }( التوبة- 100 ) . قال الربيع بن أنس : السابقون إلى إجابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدنيا هم السابقون إلى الجنة في العقبى . وقال مقاتل : إلى إجابة الأنبياء صلوات الله عليهم بالإيمان . وقال علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه : إلى الصلوات الخمس . وقال الضحاك : إلى الجهاد . وقال سعيد بن جبير : هم المسارعون إلى التوبة وإلى أعمال البر . قال الله تعالى : { سابقوا إلى مغفرة من ربكم }( الحديد- 21 ) ، ثم أثنى عليهم ، فقال :{ أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون }( المؤمنون-61 ) قال ابن كيسان : والسابقون إلى كل ما دعا الله إليه . وروي عن كعب قال : هم أهل القرآن المتوجون يوم القيامة . وقيل : هم أولهم رواحاً إلى المسجد وأولهم خروجاً في سبيل الله . وقال القرظي : إلى كل خير .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱلسَّـٰبِقُونَ ٱلسَّـٰبِقُونَ} (10)

ثم يذكر الفريق الثالث ، فريق السابقين ، يذكرهم فيصفهم بوصفهم : ( والسابقون السابقون ) . . كأنما ليقول إنهم هم هم . وكفى . فهو مقام لا يزيده الوصف شيئا !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَٱلسَّـٰبِقُونَ ٱلسَّـٰبِقُونَ} (10)

وقوله : { وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً } أي : ينقسم الناس يوم القيامة إلى ثلاثة أصناف : قوم عن يمين العرش ، وهم الذين خرجوا من شق آدم الأيمن ، ويؤتون كتبهم بأيمانهم ، ويؤخذ بهم ذات اليمين . قال السُّدِّيّ : وهم جمهور أهل الجنة . وآخرون عن يسار العرش ، وهم الذين خرجوا من شق آدم الأيسر ، ويؤتون كتبهم بشمائلهم ، ويؤخذ بهم ذات الشمال ، وهم عامة أهل النار - عياذًا بالله من صنيعهم - وطائفة سابقون بين يديه وهم أخص وأحظى وأقرب من أصحاب اليمين الذين هم سادتهم ، فيهم الرسل والأنبياء والصديقون والشهداء ، وهم أقل عددا من أصحاب اليمين ؛ ولهذا قال : { فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ . وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ . وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ } وهكذا قسمهم إلى هذه الأنواع الثلاثة في آخر السورة وقت احتضارهم ، وهكذا ذكرهم في قوله تعالى : { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ } الآية [ فاطر : 32 ] ، وذلك على أحد القولين في الظالم لنفسه كما تقدم بيانه .

قال سفيان الثوري ، عن جابر الجعفي ، عن مجاهد ، عن ابن عباس في قوله : { وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً } قال : هي التي في سورة الملائكة : { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ } .

وقال ابن جُرَيْج عن ابن عباس : هذه الأزواج الثلاثة هم المذكورون في آخر السورة وفي سورة الملائكة .

وقال يزيد الرقاشي : سألت ابن عباس عن قوله : { وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً } قال : أصنافا ثلاثة .

وقال{[27989]} مجاهد : { وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً } [ قال ]{[27990]} : يعني : فرقا ثلاثة . وقال ميمون بن مِهْران : أفواجا ثلاثة . وقال عُبَيد الله{[27991]} العتكي ، عن عثمان بن سراقة ابن خالة عمر بن الخطاب : { وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً } اثنان في الجنة ، وواحد في النار .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن الصباح ، حدثنا الوليد بن أبي ثور ، عن سِمَاك ، عن النعمان بن بشير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ } [ التكوير : 7 ] قال : الضرباء ، كل رجل من قوم كانوا يعملون عمله ، وذلك بأن الله يقول : { وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً . فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ . وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ . وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ }

قال : هم الضرباء{[27992]} .

وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن عبد الله المثنى ، حدثنا البراء الغنوي ، حدثنا الحسن ، عن معاذ بن جبل ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا{[27993]} هذه الآية :

{ وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ } {[27994]} ، { وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ } {[27995]} فقبض بيده قبضتين فقال : " هذه للجنة{[27996]} ولا أبالي ، وهذه للنار{[27997]} ولا أبالي " {[27998]} .

وقال أحمد أيضا : حدثنا حسن ، حدثنا ابن لَهِيعَة ، حدثنا خالد بن أبي عمران ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " أتدرون من السابقون إلى ظل يوم القيامة ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : " الذين إذا أعطوا الحق قبلوه ، وإذا سئلوه بذلوه ، وحكموا للناس كحكمهم لأنفسهم " {[27999]} .

وقال محمد بن كعب وأبو حَرْزَةَ يعقوب بن مجاهد : { وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ } : هم الأنبياء ، عليهم السلام . وقال السُّدِّيّ : هم أهل عليين . وقال ابن أبي نَجِيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : { وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ } ، قال : يوشع بن نون ، سبق إلى موسى ، ومؤمن آل " يس " ، سبق إلى عيسى ، وعلي بن أبي طالب ، سبق إلى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه ابن أبي حاتم ، عن محمد بن هارون الفلاس ، عن عبد الله بن إسماعيل المدائني البزاز ، عن شُعَيْب بن الضحاك المدائني ، عن سفيان بن عُيَيْنَة ، عن ابن أبي نَجِيح به .

وقال ابن أبي حاتم : وذكر محمد {[28000]} بن أبي حماد ، حدثنا مِهْرَان ، عن خارجة ، عن قُرَّة ، عن ابن سِيرين : { وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ } الذين صلوا للقبلتين .

ورواه ابن جرير{[28001]} من حديث خارجة ، به .

وقال الحسن وقتادة : { وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ } أي : من كل أمة .

وقال الأوزاعي ، عن عثمان بن أبي سودة أنه قرأ هذه الآية : { وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ . أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ } ثم قال : أولهم رواحًا إلى المسجد ، وأولهم خروجًا في سبيل الله .

وهذه الأقوال كلها صحيحة ، فإن المراد بالسابقين هم المبادرون إلى فعل الخيرات كما أمروا ، كما قال تعالى : { وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأرْضُ } [ آل عمران : 133 ] ، وقال : { سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأرْضِ } [ الحديد : 22 ] ، فمن سابق إلى هذه الدنيا وسبق إلى الخير ، كان في الآخرة من السابقين إلى الكرامة ، فإن الجزاء من جنس العمل ، وكما تدين تدان ؛ ولهذا قال تعالى : { أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ . فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ } .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا يحيى بن زكريا القزاز{[28002]} الرازي ، حدثنا خارجة بن مُصعَب ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن عبد الله بن عمرو قال : قالت الملائكة : يا رب ، جعلت لبني آدم الدنيا فهم يأكلون ويشربون ويتزوجون ، فاجعل لنا الآخرة . فقال : لا أفعل . فراجعوا ثلاثا ، فقال : لا أجعل من خلقت بيدي كمن قلت له : كن ، فكان . ثم قرأ عبد الله : { وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ . أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ . فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ } .

وقد روى هذا الأثر الإمام عثمان{[28003]} بن سعيد الدارمي في كتابه : " الرد على الجهمية " ، ولفظه : فقال الله عز وجل : " لن أجعل صالح ذرية من خلقت بيدي ، كمن قلت له : كن فكان " {[28004]} .


[27989]:- (3) في أ: "عن".
[27990]:- (4) زيادة من م.
[27991]:- (5) في أ: "عبد الله".
[27992]:- (1) سيأتي تخريج الحديث عند الآية: 7 من سورة التكوير.
[27993]:- (2) في أ: "قرأ".
[27994]:- (3) في م، أ: "وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين".
[27995]:- (4) في م، أ: "وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال".
[27996]:- (5) في م، أ: "هذه في الجنة".
[27997]:- (6) في م، أ: "وهذه في النار".
[27998]:- (7) المسند (5/239) والحسن لم يسمع من معاذ.

[27999]:- (8) المسند (6/67).
[28000]:- (9) في أ: "وذكر عن محمد".
[28001]:- (10) في أ: "ورواه ابن أبي حاتم وابن جرير".
[28002]:- (1) في أ: "الفزاري".
[28003]:- (2) في أ: "عمر".
[28004]:- (3) وقد رواه عثمان بن سعيد الدارمي فرفعه كما في البداية والنهاية (1/55) للمؤلف وقال: "وهو أصح" وله شاهد من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رواه ابن الجوزي في العلل المتناهية (1/48) وقال: "هذا حديث لا يصح".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَٱلسَّـٰبِقُونَ ٱلسَّـٰبِقُونَ} (10)

وقوله : والسّابِقُونَ السّابِقُونَ وهم الزوج الثالث وهم الذين سبقوا إلى الإيمان بالله ورسوله ، وهم المهاجرون الأوّلون . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا عبيد الله ، يعني العتكي ، عن عثمان بن عبد الله بن سُراقة ، قوله : وكُنْتُمْ أزْوَاجا ثَلاثَةً قال : اثنان في الجنة وواحد في النار ، يقول : الحور العين للسابقين ، والعُرُب الأتراب لأصحاب اليمين .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة وكُنْتُمْ أزْوَاجا ثَلاثَةً قال : منازل الناس يوم القيامة .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا هوذة ، قال : حدثنا عوف ، عن الحسن ، في قوله : وكُنْتُمْ أزْوَاجا ثَلاثَةً فأصحَابُ المَيْمَنَةِ ما أصحَابُ المَيْمَنَةِ وأصحَابُ المَشأَمَةِ ما أصحَابُ المَشأَمَةِ والسّابِقُونَ السّابِقُونَ أُولَئِكَ المُقَرّبُونَ . . . إلى ثُلّةٌ مِنَ الأوّلِينَ وَثلّةٌ مِنَ الاَخِرِينَ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «سَوّى بَيَنَ أصحَابِ اليَمِينِ مِنَ الأُمَمِ السّابِقَةِ ، وَبَيَنَ أصحَابِ اليَمِينِ مِنْ هَذِهِ الأُمّة ، وكانَ السّابِقُونَ مِنَ الأُمَمِ أكْثَرُ مِنْ سَابِقِي هَذِهِ الأُمّةِ » .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : فَأصْحَابُ المَيْمَنَةِ ما أصحَابُ المَيْمَنَةِ : أي ماذا لهم ، وماذا أعدّ لهم وأصحَابُ المَشأَمَةِ ما أصحَابُ المَشأَمَةِ : أي ماذا لهم وماذا أعدّ لهم والسّابِقُونَ السّابِقُونَ : أي من كلّ أمة .

حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : سمعت ابن زيد يقول : وجدت الهوى ثلاثة أثلاث ، فالمرء يجعل هواه علمه ، فيديل هواه على علمه ، ويقهر هواه علمه ، حتى إن العلم مع الهوى قبيح ذليل ، والعلم ذليل ، الهوى غالب قاهر ، فالذي قد جعل الهوى والعلم في قلبه ، فهذا من أزواج النار ، وإذا كان ممن يريد الله به خيرا استفاق واستنبه ، فإذا هو عون للعلم على الهوى حتى يديل الله العلم على الهوى ، فإذا حسُنت حال المؤمن ، واستقامت طريقته كان الهوى ذليلاً ، وكان العلم غالبا قاهرا ، فإذا كان ممن يريد الله به خيرا ، ختم عمله بإدالة العلم ، فتوفاه حين توفاه ، وعلمه هو القاهر ، وهو العامل به ، وهواه الذليل القبيح ، ليس له في ذلك نصيب ولا فعل . والثالث : الذي قبح الله هواه بعلمه ، فلا يطمع هواه أن يغلب العلم ، ولا أن يكون معه نصف ولا نصيب ، فهذا الثالث ، وهو خيرهم كلهم ، وهو الذي قال الله عزّ وجلّ في سورة الواقعة : وكُنْتُمْ أزْوَاجا ثَلاثَةً قال : فزوجان في الجنة ، وزوج في النار ، قال : والسابق الذي يكون العلم غالبا للهوى ، والاَخر : الذي ختم الله بإدالة العلم على الهوى ، فهذان زوجان في الجنة ، والاَخر : هواه قاهر لعلمه ، فهذا زوج النار .

واختلف أهل العربية في الرافع أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة ، فقال بعض نحويي البصرة : خبر قوله : فأصحَابُ المَيْمَنَةِ ما أصحَابُ المَيْمَنَة وأصحَابُ المَشأَمَةِ ما أصحَابُ المَشأَمَةِ قال : ويقول زيد : ما زيد ، يريد : زيد شديد . وقال غيره : قوله : ما أصحَابُ المَيْمَنَةِ لا تكون الجملة خبره ، ولكن الثاني عائد على الأوّل ، وهو تعجب ، فكأنه قال : أصحاب الميمنة ما هم ، والقارعة ما هي ، والحاقة ما هي ؟ فكان الثاني عائد على الأوّل ، وكان تعجبا ، والتعجب بمعنى الخبر ، ولو كان استفهاما لم يجز أن يكون خبرا للابتداء ، لأن الاستفهام لا يكون خبرا ، والخبر لا يكون استفهاما ، والتعجب يكون خبرا ، فكان خبرا للابتداء . وقوله : زيد وما زيد ، لا يكون إلا من كلامين ، لأنه لا تدخل الواو في خبر الابتداء ، كأنه قال : هذا زيد وما هو : أي ما أشدّه وما أعلمه .

واختلف أهل التأويل في المعنيين بقوله : والسّابِقُونَ السّابِقُونَ فقال بعضهم : هم الذين صلوا للقبلتين .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن خارجة ، عن قرة ، عن ابن سيرين والسّابقون السّابِقُونَ الذين صلوا للقبلتين . وقال آخرون في ذلك بما :

حدثني به عبد الكريم بن أبي عمير ، قال : حدثنا الوليد بن مسلم ، قال : حدثنا أبو عمرو ، قال : حدثنا عثمان بن أبي سودة ، قال : السّابِقُونَ السّابِقُونَ أوّلهم رواحا إلى المساجد ، وأسرعهم خفوقا في سبيل الله .

والرفع في السابقين من وجهين : أحدهما : أن يكون الأوّل مرفوعا بالثاني ، ويكون معنى الكلام حينئذٍ والسابقون الأوّلون ، كما يقال : السابق الأوّل ، والثاني أن يكون مرفوعا بأولئك المقرّبون يقول جلّ ثناؤه : أولئك الذين يقرّبهم الله منه يوم القيامة إذا أدخلهم الجنة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَٱلسَّـٰبِقُونَ ٱلسَّـٰبِقُونَ} (10)

وقوله : { والسابقون } ابتداء و : { السابقون } الثاني . قال بعض النحويين : هو نعت للأول ، ومذهب سيبويه أنه خبر الابتداء ، وهذا كما تقول العرب : الناس الناس ، وأنت أنت ، وهذا على معنى تفخيم أمر وتعظيمه ، ومعنى الصفة هو أن تقول : { والسابقون } إلى الإيمان { السابقون } إلى الجنة والرحمة { أولئك } ، ويتجه هذا المعنى على الابتداء والخبر .