فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَٱلسَّـٰبِقُونَ ٱلسَّـٰبِقُونَ} (10)

ثم ذكر سبحانه الصنف الثالث ، قال : { والسابقون السابقون } والتكرير فيه للتفخيم والتعظيم ، كما مرّ في القسمين الأوّلين ، كما تقول أنت أنت ، وزيد زيد ، والسابقون مبتدأ ، وخبره السابقون .

وفيه تأويلان أحدهما : أنه بمعنى السابقون هم الذين اشتهرت حالهم بذلك . والثاني : أن متعلق السابقين مختلف ، والتقدير : والسابقون إلى الإيمان السابقون إلى الجنة . والأوّل أولى لما فيه من الدلالة على التفخيم والتعظيم . قال الحسن وقتادة : هم السابقون إلى الإيمان من كلامه . وقال محمد بن كعب : إنهم الأنبياء . وقال ابن سيرين : هم الذين صلوا إلى القبلتين . وقال مجاهد : هم الذين سبقوا إلى الجهاد ، وبه قال الضحاك . وقال سعيد بن جبير : هم السابقون إلى التوبة وأعمال البرّ . وقال الزجاج : المعنى : والسابقون إلى طاعة الله هم السابقون إلى رحمة الله . قيل : ووجه تأخير هذا الصنف الثالث مع كونه أشرف من الصنفين الأوّلين هو أن يقترن به ما بعده ، وهو قوله : { أُوْلَئِكَ المقربون * فِي جنات النعيم } .

/خ26