معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَا تُطِعۡ كُلَّ حَلَّافٖ مَّهِينٍ} (10)

{ ولا تطع كل حلاف } كثير الحلف بالباطل ، قال مقاتل : يعني الوليد بن المغيرة . وقيل : الأسود بن عبد يغوث . وقال عطاء : الأخنس بن شريق ، قوله { مهين } ضعيف حقير . قيل : هو فعيل من المهانة وهي قلة الرأي والتمييز . وقال ابن عباس : كذاب ، وهو قريب من الأول ، لأن الإنسان إنما يكذب لمهانة نفسه عليه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَا تُطِعۡ كُلَّ حَلَّافٖ مَّهِينٍ} (10)

ثم يبرز قيمة العنصر الأخلاقي مرة أخرى في نهي الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] عن إطاعة أحد هؤلاء المكذبين بالذات ، ويصفه بصفاته المزرية المنفرة ، ويتوعده بالإذلال والمهانة :

( ولا تطع كل حلاف مهين . هماز مشاء بنميم . مناع للخير معتد أثيم . عتل بعد ذلك زنيم . أن كان ذا مال )( وبنين . إذا تتلى عليه آياتنا قال : أساطير الأولين . سنسمه على الخرطوم ) . .

وقد قيل : إنه الوليد بن المغيرة ، وإنه هو الذي نزلت فيه كذلك آيات من سورة المدثر : ( ذرني ومن خلقت وحيدا ، وجعلت له مالا ممدودا ، وبنين شهودا ، ومهدت له تمهيدا . ثم يطمع أن أزيد . كلا ! ! إنه كان لآياتنا عنيدا . سأرهقه صعودا . إنه فكر وقدر . فقتل ! كيف قدر ? ثم قتل ! كيف قدر ? ثم نظر . ثم عبس وبسر . ثم أدبر واستكبر . فقال : إن هذا إلا سحر يؤثر . إن هذا إلا قول البشر . سأصليه سقر ) . .

ورويت عنه مواقف كثيرة في الكيد لرسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] وإنذار أصحابه ، والوقوف في وجه الدعوة ، والصد عن سبيل الله . . كما قيل : إن آيات سورة القلم نزلت في الأخنس بن شريق . . وكلاهما كان ممن خاصموا رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ولجوا في حربه والتأليب عليه أمدا طويلا .

وهذه الحملة القرآنية العنيفة في هذه السورة ، والتهديدات القاصمة في السورة الأخرى ، وفي سواها ، شاهد على شدة دوره سواء كان هو الوليد أو الأخنس والأول أرجح ، في حرب الرسول والدعوة ، كما هي شاهد على سوء طويته ، وفساد نفسه ، وخلوها من الخير .

والقرآن يصفه هنا بتسع صفات كلها ذميم . . .

فهو حلاف . . كثير الحلف . ولا يكثر الحلف إلا إنسان غير صادق ، يدرك أن الناس يكذبونه ولا يثقون به ، فيحلف ويكثر من الحلف ليداري كذبه ، ويستجلب ثقة الناس .

وهو مهين . . لا يحترم نفسه ، ولا يحترم الناس قوله . وآية مهانته حاجته إلى الحلف ، وعدم ثقته بنفسه وعدم ثقة الناس به . ولو كان ذا مال وذا بنين وذا جاه . فالمهانة صفة نفسية تلصق بالمرء ولو كان سلطانا طاغية جبارا . والعزة صفة نفسية لا تفارق النفس الكريمة ولو تجردت من كل أعراض الحياة الدنيا !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَا تُطِعۡ كُلَّ حَلَّافٖ مَّهِينٍ} (10)

ثم قال تعالى : { وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلافٍ مَهِينٍ } وذلك أن الكاذب لضعفه ومهانته إنما يتقي بأيمانه الكاذبة التي يجترئ بها على أسماء الله تعالى ، واستعمالها في كل وقت في غير محلها .

قال ابن عباس : المهين الكاذب . وقال مجاهد : هو الضعيف القلب . قال الحسن : كل حلاف مكابر مهين ضعيف .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَا تُطِعۡ كُلَّ حَلَّافٖ مَّهِينٍ} (10)

وقوله : { وَلا تُطِعْ كُلّ حَلاّفٍ مَهِينٍ } ولا تطع يا محمد كلّ ذي إكثار للحلف بالباطل مَهِين : وهو الضعيف . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . غير أن بعضهم وجه معنى المهين إلى الكذّاب ، وأحسبه فعل ذلك لأنه رأى أنه إذا وصف بالمهانة ، فإنما وصف بها لمهانة نفسه عليه ، وكذلك صفة الكذوب ، إنما يكذب لمهانة نفسه عليه . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس { وَلا تُطِعْ كُلّ حَلاّف مَهِين } والمهين : الكذّاب .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : حَلاّفٍ مَهِينٍ قال : ضعيف .

حدثنا بشر ، فقال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَلا تُطِعْ كُلّ حَلاّفٍ مَهِينٍ } وهو الكثار في الشرّ .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الحسن ، في قوله : كُلّ حَلاّفٍ مَهِينٍ يقول : كلّ مكثار في الحلف مهين ضعيف .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن سعيد ، عن الحسن وقتادة وَلا تُطِعْ كُلّ حَلاّفٍ مَهِينٍ قال : هو المِكثار في الشرّ .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَا تُطِعۡ كُلَّ حَلَّافٖ مَّهِينٍ} (10)

ولا تطع كل حلاف كثير الحلف في الحق والباطل ، مهين حقير الرأي ، من المهانة وهي الحقارة .