تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَلَا تُطِعۡ كُلَّ حَلَّافٖ مَّهِينٍ} (10)

الآية 10 وقوله تعالى : { ولا تطع كل حلاف مهين } قيل : إن هذه الآيات نزلت في واحد ، يشار إليه ، وهو الوليد بن المغيرة المخزومي . وفي ما يشار إلى واحد لا يطلق فيه لفظة { كل } فيقال : { ولا تطع كل حلاف مهين } والحلاف المهين ليس إلا الواحد . ولكن معناه : لا تطع هذا وكل من يوجد فيه هذه الصفة .

ثم ذكر المرء بقوله : { حلاف مهين } { هماز مشاء بنميم } { مناع للخير معتد أثيم } [ الآيات : 10 و11و12 ] يخرج مخرج الهجاء والشتم في الشاهد ، لأن ذكر المرء بما هو عليه من ارتكاب الفواحش والمساوئ تهجين له وشتم . وجل الله ورسوله أن يقصدوا إلى شتم إنسان .

فالآية ليست في تثبيت فواحشه ، وإنما هي في موضع التوبيخ والزجر عن اتباع مثله ؛ وذلك أنه كان من رؤساء الكفرة . وممن بسطت عليه الدنيا ، فكان القوم يتبعونه ، وينقادون له في ما يدعوهم إلى الصد عن سبيل الله ، فذكر الله تعالى فيه هذه الأشياء ، وأظهرها للخلق ليزهدهم عن اتباعه ؛ إذ كل من كانت فيه هذه الأحوال لم تسنح نفس عاقل لاتباعه ، ولا احتمل طبعه طاعة مثله ، فلا يتمكن من صد الناس عن سبيل الله تعالى ، فكان في ذكره العيوب التي ذكرها [ زجر الناس عن طاعته ]{[21786]}فذكرها لإثبات هذا الوجه لا أن تكون فائدتها على تحصيل الشتم والهجاء .

وكذلك ذكر أبا لهب بالتّبّ والخسار وما هو عليه من الفواحش ليزجر الناس عن اتباعه .

وفي هذه دلالة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم من الوجه الذي يذكر في سورة ، { تبّت } إن شاء الله تعالى .

ثم قيل : المهين من المهانة ، ومن المهنة ، ومن الوهن ، وهو الضعف .


[21786]:من م، ساقطة من الأصل.