معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَيَسۡتَعۡجِلُونَكَ بِٱلۡعَذَابِ وَلَوۡلَآ أَجَلٞ مُّسَمّٗى لَّجَآءَهُمُ ٱلۡعَذَابُۚ وَلَيَأۡتِيَنَّهُم بَغۡتَةٗ وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ} (53)

قوله تعالى : { ويستعجلونك بالعذاب } نزلت في النضر بن الحارث حين قال : فأمطر علينا حجارة من السماء ، { ولولا أجل مسمى } قال ابن عباس : ما وعدتك أني لا أعذب قومك ولا أستأصلهم وأؤخر عذابهم يعني : لأنهم إذا ماتوا صاروا إلى العذاب . وقيل : يوم بدر{ لجاءهم العذاب ولبأتينهم } يعني : العذاب وقيل الأجل ، { بغتة وهم لا يشعرون } بإتيانه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَيَسۡتَعۡجِلُونَكَ بِٱلۡعَذَابِ وَلَوۡلَآ أَجَلٞ مُّسَمّٗى لَّجَآءَهُمُ ٱلۡعَذَابُۚ وَلَيَأۡتِيَنَّهُم بَغۡتَةٗ وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ} (53)

46

ثم يمضي في الحديث عن أولئك المشركين . عن استعجالهم بالعذاب . وجهنم منهم قريب :

( ويستعجلونك بالعذاب ، ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب ، وليأتينهم بغتة وهم لا يشعرون . يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين . يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم ، ويقول : ذوقوا ما كنتم تعملون ) . .

ولقد كان المشركون يسمعون النذير ، ولا يدركون حكمة الله في إمهالهم إلى حين ؛ فيستعجلون الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] بالعذاب على سبيل التحدي . وكثيرا ما يكون إمهال الله استدراجا للظالمين ليزدادوا عتوا وفسادا . أو امتحانا للمؤمنين ليزدادوا إيمانا وثباتا ؛ وليتخلف عن صفوفهم من لا يطيق الصبر والثبات . أو استبقاء لمن يعلم سبحانه أن فيهم خيرا من أؤلئك المنحرفين حتى يتبين لهم الرشد من الغي فيثوبوا إلى الهدى . أو استخراجا لذرية صالحة من ظهورهم تعبد الله وتنحاز إلى حزبه ولو كان آباؤهم من الضالين . . أو لغير هذا وذاك من تدبير الله المستور . .

ولكن المشركين لم يكونوا يدركون شيئا من حكمة الله وتدبيره ، فكانوا يستعجلون بالعذاب على سبيل التحدي . . ( ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب ) . . وهنا يوعدهم الله بمجيء العذاب الذي يستعجلونه . مجيئه في حينه . ولكن حيث لا ينتظرونه ولا يتوقعونه . وحيث يبهتون له ويفاجأون به : ( وليأتينهم بغتة وهم لا يشعرون ) . .

ولقد جاءهم هذا العذاب من بعد في بدر وصدق الله . ورأوا بأعينهم كيف يحق وعد الله . ولم يأخذهم الله بالهلاك الكامل كأخذ المكذبين قبلهم ؛ كما أنه لم يستجب لهم في إظهار خارقة مادية كي لا يحق عليهم وعده بهلاك من يكذبون بعد الخارقة المادية . لأنه قدر للكثيرين منهم أن يؤمنوا فيما بعد ، وأن يكونوا من خيرة جند الإسلام ؛ وأخرج من ظهورهم من حملوا الراية جيلا بعد جيل ، إلى أمد طويل . وكان ذلك كله وفق تدبير الله الذي لا يعلمه إلا الله .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَيَسۡتَعۡجِلُونَكَ بِٱلۡعَذَابِ وَلَوۡلَآ أَجَلٞ مُّسَمّٗى لَّجَآءَهُمُ ٱلۡعَذَابُۚ وَلَيَأۡتِيَنَّهُم بَغۡتَةٗ وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ} (53)

يقول تعالى مخبرا عن جهل المشركين في استعجالهم عذاب الله أن يقع بهم ، وبأس الله أن يحل عليهم ، كما قال تعالى : { وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [ الأنفال : 32 ] ، وقال هاهنا : { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ } أي : لولا ما حَتَّم الله من تأخير العذاب إلى يوم القيامة لجاءهم العذاب قريبا سريعا كما استعجلوه .

ثم قال : { وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً } أي : فجأة ، { وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ } .