فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَيَسۡتَعۡجِلُونَكَ بِٱلۡعَذَابِ وَلَوۡلَآ أَجَلٞ مُّسَمّٗى لَّجَآءَهُمُ ٱلۡعَذَابُۚ وَلَيَأۡتِيَنَّهُم بَغۡتَةٗ وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ} (53)

{ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بالعذاب } استهزاء وتكذيباً منهم بذلك كقولهم { فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مّنَ السماء أَوِ ائتنا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [ الأنفال : 32 ] . { وَلَوْلاَ أَجَلٌ مُّسَمًّى } قد جعله الله لعذابهم وعينه ، وهو القيامة ، وقال الضحاك : الأجل : مدّة أعمارهم ؛ لأنهم إذا ماتوا صاروا إلى العذاب { لَّجَاءهُمُ العذاب } أي لولا ذلك الأجل المضروب لجاءهم العذاب الذي يستحقونه بذنوبهم . وقيل : المراد بالأجل المسمى : النفخة الأولى . وقيل : الوقت الذي قدّره الله لعذابهم في الدنيا بالقتل والأسر يوم بدر . والحاصل : أن لكل عذاب أجلاً لا يتقدّم عليه ولا يتأخر عنه كما في قوله سبحانه : { لّكُلّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ } [ الأنعام : 67 ] . وجملة : { وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً } مستأنفة مبينة لمجيء العذاب المذكور قبلها .

ومعنى بغتة : فجأة ، وجملة { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } في محل نصب على الحال ، أي حال كونهم لا يعلمون بإتيانه .

/خ55