{ إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير . وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور } قال ابن عباس : نزلت في المشركين كانوا ينالون من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيخبره جبريل عليه السلام بما قالوا ، فقال بعضهم لبعض : أسروا قولكم كي لا يسمع إله محمد . { فقال الله عز وجل ذكره { ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير } .
وهذه الآية السابقة تربط ما قبلها في السياق بما بعدها ، في تقرير علم الله بالسر والجهر ، وهو يتحدى البشر . وهو الذي خلق نفوسهم ، ويعلم مداخلها ومكامنها ، التي أودعها إياها :
وأسروا قولكم أو اجهروا به ، أنه عليم بذات الصدور . ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ? .
أسروا أو اجهروا فهو مكشوف لعلم الله سواء . وهو يعلم ما هو أخفى من الجهر والسر . ( إنه عليم بذات الصدور )التي لم تفارق الصدور ! عليم بها ، فهو الذي خلقها في الصدور ، كما خلق الصدور !
وقوله : وأسِرّوا قَوْلَكُمْ أو اجْهَرُوا بِه ، ِ يقول جلّ ثناؤه : وأخفوا قولكم وكلامكم أيها الناس أو أعلنوه وأظهروه ، إنّهُ عَلِيمٌ بذَاتِ الصّدُورِ ، يقول : إنه ذو علم بضمائر الصدور التي لم يُتَكَلّم بها ، فكيف بما نطق به وتكلم به ، أخفى ذلك أو أعلن ، لأن من لم تخف عليه ضمائر الصدور ، فغيرها أحرى أن لا يخفي عليه .
عطف على الجمل السابقة عطف غرض على غرض ، وهو انتقال إلى غرض آخر لِمناسبة حكاية أقوالهم في الآخرة بذكر أقوالهم في الدنيا وهي الأقوال التي كانت تصدر منهم بالنيل من رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان الله يطلعه على أقوالهم فيخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنكم قلتم كذا وكذا ، فقال بعضهم لبعض : أسروا قولكم كيلا يسمعه رب محمد فأنزل الله { وأسروا قولكم أو اجهروا به } كذا روي عن ابن عباس .
وصيغة الأمر في { وأسروا } و { اجهروا } مستعملة في التسوية كقوله تعالى : { فاصبروا أو لا تصبروا } [ الطور : 16 ] ، وهذا غالب أحوال صيغة افعل إذا جاءت معها { أو } عاطفة نقيض أحد الفعلين على نقيضه .
فقوله : { إنه عليم بذات الصدور } تعليل للتسوية المستفادة من صيغة الأمر بقرينة المقام وسبب النزول ، أي فسواء في علم الله الإِسرار والإِجهار لأن علمه محيط بما يختلج في صدور الناس بَلْهَ ما يسرون به من الكلام ، ولذلك جيء بوصف عليم إذ العليم من أمثلة المبالغة وهو القويّ علمُه .
وضمير { إنه } عائد إلى الله تعالى المعلوم من المقام ، ولا معاد في الكلام يعود إليه الضمير ، لأن الاسم الذي في جملة { إن الذين يخشون ربهم بالغيب } [ الملك : 12 ] لا يكون معاداً لكلام آخر .
و ( ذات الصدور ) مَا يتردد في النفس من الخواطر والتقادير والنوايا على الأعمال . وهو مركب من ( ذات ) التي هي مؤنث ( ذُو ) بمعنى صاحب ، و { الصدور } بمعنى العقول وشأن ( ذُو ) أن يضاف إلى ما فيه رفعة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.