السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَأَسِرُّواْ قَوۡلَكُمۡ أَوِ ٱجۡهَرُواْ بِهِۦٓۖ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ} (13)

{ وأسروا } أي : أيها الخلائق { قولكم } أي : خيراً كان أو شراً { أو اجهروا به } فإنه يعلمه ويجازيكم به ، اللفظ لفظ الأمر ، والمراد به الخبر ، يعني : إن أخفيتم كلامكم في أمر محمد صلى الله عليه وسلم أو غيره ، أو جهرتم به فسواء ، { إنه } أي : ربكم { عليم } أي : بالغ العلم { بذات الصدور } أي : بحقيقتها وكنهها ، وحالها وجبلتها ، وما يحدث عنها من الخير والشر ، وقال ابن عباس : «نزلت في المشركين كانوا ينالون من النبي صلى الله عليه وسلم ، فيخبره جبريل عليه السلام ، فقال بعضهم لبعض : أسروا قولكم كي لا يسمع رب محمد » . فأسروا قولكم أو اجهروا به يعني : وأسروا قولكم في محمد صلى الله عليه وسلم ، وقال غيره : إنه خطاب عام لجميع الخلق في جميع الأعمال ، والمراد أن قولكم وعملكم على أيّ سبيل وجد ، فالحال واحد في علمه تعالى ، فاحذروا من المعاصي سراً ، كما تحذرون عنها جهراً ، فإنّ ذلك لا يتفاوت بالنسبة إلى علم الله تعالى .