معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَنَزَعَ يَدَهُۥ فَإِذَا هِيَ بَيۡضَآءُ لِلنَّـٰظِرِينَ} (108)

قوله تعالى : { ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين } ، فأدخل يده في جيبه ، ثم نزعها منه ، وقيل : أخرجها من تحت إبطه فإذا هي بيضاء ، لها شعاع غلب نور الشمس ، وكان موسى آدم اللون ، ثم أدخلها جيبه فصارت كما كانت .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَنَزَعَ يَدَهُۥ فَإِذَا هِيَ بَيۡضَآءُ لِلنَّـٰظِرِينَ} (108)

103

( وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ )

ثم إن يده السمراء - وقد كان موسى عليه السلام " آدم " أي مائلاً إلى السمرة - يخرجها من جيبه فإذا هي بيضاء من غير سوء ، بيضاء ليست عن مرض ، ولكنها المعجزة ، فإذا أعادها إلى جيبه عادت سمراء !

هذه هي البينة والآية على الدعوى التي جاء بها موسى . . إني رسول من رب العالمين .

ولكن هل يستسلم فرعون وملؤه لهذه الدعوى الخطيرة ؟ هل يستسلمون لربوبية رب العالمين ؟ وعلام إذن يقوم عرش فرعون وتاجه وملكه وحكمه ؟ وعلام يقوم الملأ من قومه ومراكزهم التي هي من عطاء فرعون ورسمه وحكمه ؟

علام يقوم هذا كله إن كان الله هو ( رب العالمين )?

إنه إن كان الله هو ( رب العالمين ) فلا حكم إلا لشريعة الله ، ولا طاعة إلا لأمر الله . . فأين يذهب شرع فرعون وأمره إذن ، وهو لا يقوم على شريعة الله ولا يرتكن إلى أمره ؟ . . إن الناس لا يكون لهم( رب )آخر يعبدهم لحكمه وشرعه وأمره ، إن كان الله هو ربهم . . إنما يخضع الناس لشرع فرعون وأمره حين يكون ربهم هو فرعون . فالحاكم - بأمره وشرعه - هو رب الناس . وهم في دينه أياً كان !

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَنَزَعَ يَدَهُۥ فَإِذَا هِيَ بَيۡضَآءُ لِلنَّـٰظِرِينَ} (108)

قال أبو جعفر : وأما قوله : وَنَزَعَ يَدَهُ فإذَا هِيَ بَيْضَاءُ للنّاظِرِينَ فإنه يقول : وأخرج يده فإذا هي بيضاء تلوح لمن نظر إليها من الناس ، وكان موسى فيما ذكر لنا آدم ، فجعل الله تحوّل يده بيضاء من غير برص له آية وعلى صدق قوله إنّي رَسُولٌ مِنْ رَبّ العالَمِينَ حُجّة .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا العباس ، قال : أخبرنا يزيد ، قال : حدثنا الأصبغ بن زيد ، عن القاسم بن أبي أيوب ، قال : ثني سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : أخرج يده من جيبه فرآها بيضاء من غير سوء يعني : من غير برص ثم أعادها إلى كمه ، فعادت إلى لونها الأوّل .

حدثني المثنى ، قال : قال : عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، قوله : بَيْضَاءُ للنّاظِرِينَ يقول : من غير برص .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : وَنَزَعَ يَدَهُ فإذَا هِيَ بَيْضَاءُ للنّاظِرِينَ قال : نزع يده من جيبه بيضاء من غير برص .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

حدثني موسى بن هارون ، قال : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : وَنَزَعَ يَدَهُ أخرجها من جيبه ، فإذَا هِيَ بَيْضَاءُ للنّاظِرِينَ .

حدثني الحرث ، قال : حدثنا عبد العزيز ، قال : حدثنا أبو سعد ، قال : سمعت مجاهدا يقول في قوله : وَنَزَعَ يَدَهُ قال : نزع يده من جيبه ، فإذَا هِيَ بَيْضَاءُ للنّاظِرِينَ وكان موسى رجلا آدم ، فأخرج يده ، فإذا هي بيضاء أشدّ بياضا من اللبن مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ، قال : من غير برص آية لفرعون .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَنَزَعَ يَدَهُۥ فَإِذَا هِيَ بَيۡضَآءُ لِلنَّـٰظِرِينَ} (108)

وقوله { ونزع يده } ، معناه من جيبه أو كمه حسب الخلاف في ذلك ، وقوله { فإذا هي بيضاء } قال مجاهد كاللبن أو أشد بياضاً ، وروي أنها كانت تظهر منيرة شفافة كالشمس تأتلق ، وكان موسى عليه السلام ذا دم أحمر إلى السواد ، ثم كان يرد يده فترجع إلى لون بدنه .

قال القاضي أبو محمد : وهاتان الآيتان عرضهما موسى عليه السلام للمعارضة ودعا إلى الله بهما ، وخرق العادة بهما وتحدى الناس إلى الدين بهما ، فإذا جعلنا التحدي الدعاء إلى الدين مطلقاً فبهما تحدى ، وإذا جعلنا التحدي الدعاء بعد العجز عن معارضة المعجرة وظهور ذلك فتنفرد حينئذ العصا بذلك لأن المعارضة والعجز فيها وقعا .

قال القاضي أبو محمد : ويقال التحدي هو الدعاء إلى الإتيان بمثل المعجزة ، فهذا نحو ثالث وعليه يكون تحدي موسى بالآيتين جميعاً لأن الظاهر من أمره أنه عرضهما للنظر معاً وإن كان لم ينص على الدعاء إلى الإتيان بمثلها ، وروي عن فرقد السبخي أن فم الحية كان ينفتح أربعين ذراعاً .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَنَزَعَ يَدَهُۥ فَإِذَا هِيَ بَيۡضَآءُ لِلنَّـٰظِرِينَ} (108)

نزع : أزال اتصال شيء عن شيء ، ومنه نزع ثوبه ، والمعنى هنا أنه أخرج يده من جيب قميصه بعد أن أدخلها في جيبه كما في سورة النمل وسورة القصص فلما أخرجها صارت بيضاء ، أي بياضاً من النور .

وقد دل على هذا البياض قوله : { للناظرين } ، أي بياضاً يراه الناظرون رؤية تعجب من بياضها . فالمقصود من ذكر قوله : { للناظرين } تتميم معنى البياض .

واللام في قوله : { للناظرين } لم يعرج المفسرون على بيان معناها وموقعها سوى أن صاحب « الكشاف » قال : « يتعلق للناظرين ببيضاء » دون أن يبين نوع التعلق ولا معنى اللام ، وسكت عليه « شراحه » والبيضاوي ، وظاهر قوله يتعلق أنه ظرف لغو تعلق ببيضاء فلعله لما في بيضاء من معنى الفعل كأنه قيل : ابيضّت للناظرين كما يتعلق المجرور بالمشتق فتعين أن يكون معنى اللام هو ما سماه ابن مالك بمعنى التعدية وهو يريد به تعدية خاصة ( لا مطلقَ التعدية أي تعدية الفعل القاصر إلى ما لا يتعدى له بأصل وضعه لأن ذلك حاصل في جميع حروف الجر ، فلا شك أنه أراد تعدية خاصة لم يبين حقيقتها . وقد مثل لها في « شرح الكافية » بقوله تعالى : { فهب لي من لدنك ولياً } [ مريم : 5 ] وجعل في « شرح التسهيل » هذا المثال مثالاً لمعنى شبه الملك ، واختار ابن هشام أن يمثل للتعدية بنحو ما أضرب زيداً لعمرو .

ولم يفصحوا عن هذه التعدية الخاصة باللام ، ويظهر لي أنها عمل لفظي محض ، أي لا يفيد معنى جزئياً كمعاني الحروف ، فتحصّل أنهم في ارتباك في تحقيق معنى التعدية ، وعندي أن قوله تعالى : { بيضاء للناظرين } أحسن ما يمثل به لكون اللام للتعدية وأن نفسر هذا المعنى بأنه تقريب المتعلّق بكسر اللام لمتعلّق بفتح اللام تقريباً لا يجعله في معنى المفعول به .

وإن شئت إرجاع معنى التعدية إلى أصل من المعاني المشهورة للام ، فالظاهر أنها من فروع معنى شبه الملك كما اقتضاه جعل ابن مالك المثال الذي مثل به للتعدية مثالاً لشبه الملك .

وأقرب من ذلك أن تكون اللام بمعنى ( عند ) ويكون مفاد قوله تعالى : { بيضاء للناظرين } أنها بيضاء بياضاً مستقراً في أنظار الناظرين ويكون الظرف مستقراً يجعل حالاً من ضمير يده .