معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ وَكَانَ عَرۡشُهُۥ عَلَى ٱلۡمَآءِ لِيَبۡلُوَكُمۡ أَيُّكُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلٗاۗ وَلَئِن قُلۡتَ إِنَّكُم مَّبۡعُوثُونَ مِنۢ بَعۡدِ ٱلۡمَوۡتِ لَيَقُولَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا سِحۡرٞ مُّبِينٞ} (7)

قوله تعالى : { وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء } ، قبل أن خلق السماء والأرض وكان ذلك الماء على متن الريح . قال كعب : خلق الله عز وجل ياقوتة خضراء ، ثم نظر إليها بالهيبة فصارت ماء يرتعد ، ثم خلق الريح ، فجعل الماء على متنها ، ثم وضع العرش على الماء . قال ضمرة : إن الله تعالى كان عرشه على الماء ثم خلق السماوات والأرض ، وخلق القلم فكتب به ما هو خالق وما هو كائن من خلقه ، ثم إن ذلك الكتاب سبح الله ومجده ألف عام قبل أن يخلق شيئا من خلقه .

قوله تعالى : { ليبلوكم } ، ليختبركم ، وهو أعلم ، { أيكم أحسن عملاً } ، أعمل بطاعة الله ، وأورع عن محارم الله تعالى .

قوله تعالى : { ولئن قلت } ، يا محمد ، { إنكم مبعوثون } أي : { من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين } ، يعنون القرآن . وقرأ حمزة والكسائي : ساحر يعنون محمداً صلى الله عليه وسلم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ وَكَانَ عَرۡشُهُۥ عَلَى ٱلۡمَآءِ لِيَبۡلُوَكُمۡ أَيُّكُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلٗاۗ وَلَئِن قُلۡتَ إِنَّكُم مَّبۡعُوثُونَ مِنۢ بَعۡدِ ٱلۡمَوۡتِ لَيَقُولَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا سِحۡرٞ مُّبِينٞ} (7)

{ 7 - 8 } { وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ * وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ }

يخبر تعالى أنه { خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ } أولها يوم الأحد وآخرها يوم الجمعة { و } حين خلق السماوات والأرض { كَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ } فوق السماء السابعة .

فبعد أن خلق السماوات والأرض استوى عليه ، يدبر الأمور ، ويصرفها كيف شاء من الأحكام القدرية ، والأحكام الشرعية . ولهذا قال : { لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا } أي : ليمتحنكم ، إذ خلق لكم ما في السماوات والأرض بأمره ونهيه ، فينظر أيكم أحسن عملا .

قال الفضيل بن عياض رحمه الله : " أخلصه وأصوبه "

قيل يا أبا علي : " ما أخلصه وأصوبه " ؟ .

فقال : إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا ، لم يقبل .

وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل ، حتى يكون خالصا صوابا .

والخالص : أن يكون لوجه الله ، والصواب : أن يكون متبعا فيه الشرع والسنة ، وهذا كما قال تعالى : { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }

وقال تعالى : { اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا } فالله تعالى خلق الخلق لعبادته ومعرفته بأسمائه وصفاته ، وأمرهم بذلك ، فمن انقاد ، وأدى ما أمر به ، فهو من المفلحين ، ومن أعرض عن ذلك ، فأولئك هم الخاسرون ، ولا بد أن يجمعهم في دار يجازيهم فيها على ما أمرهم به ونهاهم .

ولهذا ذكر الله تكذيب المشركين بالجزاء ، فقال : { وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ }

أي : ولئن قلت لهؤلاء وأخبرتهم بالبعث بعد الموت ، لم يصدقوك ، بل كذبوك أشد التكذيب{[424]} ، وقدحوا فيما جئت به ، وقالوا : { إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ } ألا وهو الحق المبين .


[424]:- كذا في ب، وفي أ: أشد الكذب.
 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ وَكَانَ عَرۡشُهُۥ عَلَى ٱلۡمَآءِ لِيَبۡلُوَكُمۡ أَيُّكُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلٗاۗ وَلَئِن قُلۡتَ إِنَّكُم مَّبۡعُوثُونَ مِنۢ بَعۡدِ ٱلۡمَوۡتِ لَيَقُولَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا سِحۡرٞ مُّبِينٞ} (7)

يخبر تعالى عن قدرته على كل شيء ، وأنه خلق السموات والأرض في ستة أيام ، وأن عرشه كان على الماء قبل ذلك ، كما قال الإمام أحمد :

حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن جامع بن شَدَّاد ، عن صفوان بن مُحْرِزْ ، عن عمران بن حصين قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اقبلوا البشرى يا بني تميم " . قالوا : قد بشرتنا فأعطنا . قال : " اقبلوا البشرى يا أهل اليمن " . قالوا : قد قبلنا ، فأخبرنا عن أول هذا الأمر كيف كان ؟ قال : " كان الله قبل كل شيء ، وكان عرشه على الماء ، وكتب في اللوح المحفوظ ذكر كل شيء " . قال : فأتاني آت فقال : يا عمران ، انحلت ناقتك من عقالها . قال : فخرجت في إثرها ، فلا أدري ما كان بعدي{[14494]} .

وهذا الحديث مخرج في صحيحي البخاري ومسلم بألفاظ كثيرة{[14495]} ؛ فمنها : قالوا : جئناك نسألك عن أول هذا الأمر فقال : " كان الله ولم يكن شيء قبله - وفي رواية : غيره - وفي رواية : معه - وكان عرشه على الماء ، وكتب في الذكر كلّ شيء ، ثم خلق السموات والأرض " .

وفي صحيح مسلم ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله قدّر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة ، وكان عرشه على الماء " {[14496]} .

وقال البخاري في تفسير هذه الآية : حدثنا أبو اليمان ، أخبرنا شعيب ، حدثنا أبو الزِّنَادِ ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " قال الله عز وجل : أنفِق أُنفقْ عليك " . وقال : " يد الله ملأى لا يَغيضها نفقة ، سحَّاءَ الليلَ والنهار " وقال " أفرأيتم{[14497]} ما أنفق منذ خلق السموات والأرض ، فإنه لم يَغض ما في يده ، وكان عرشه على الماء ، وبيده الميزان يخفض ويرفع " {[14498]} .

وقال الإمام أحمد : حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا حماد بن سلمة ، عن يَعْلَى بن عَطَاء ، عن وَكِيع بن عُدُس ، عن عمه أبي رَزِين - واسمه لَقِيط بن عامر بن المنتفق{[14499]} العُقَيْلي - قال : قلت : يا رسول الله ، أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه ؟ قال : " كان في عَمَاء ، ما تحته هواء وما فوقه هواء ، ثم خلق العرش بعد ذلك " .

وقد رواه الترمذي في التفسير ، وابن ماجه في السنن من حديث يزيد بن هارون به{[14500]} وقال الترمذي : هذا حديث حسن .

وقال مجاهد : { وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ } قبل أن يخلق شيئا . وكذا قال وهب بن مُنبِّه ، وضمرة بن حبيب ، وقاله قتادة ، وابن جرير ، وغير واحد .

وقال قتادة في قوله : { وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ } ينبئكم كيف كان بدء خلقه قبل أن يخلق السموات والأرض .

وقال الربيع بن أنس : { وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ } فلما خلق السموات والأرض ، قسم ذلك الماء قسمين ، فجعل نصفا تحت العرش ، وهو البحر المسجور .

وقال ابن عباس : إنما سمي العرش عرشا لارتفاعه .

وقال إسماعيل بن أبي خالد ، سمعت سعدا الطائي يقول : العرش ياقوتة حمراء .

وقال محمد بن إسحاق في قوله تعالى : { وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ } فكان كما{[14501]} وصف نفسه تعالى ، إذ ليس إلا الماء وعليه العرش ، وعلى العرش ذو الجلال والإكرام ، والعزة والسلطان ، والملك والقدرة ، والحلم والعلم ، والرحمة والنعمة ، الفعال لما يريد .

وقال الأعمش ، عن المِنْهَال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير قال : سئل ابن عباس عن قول الله : { وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ } على أي شيء كان الماء ؟ قال : على متن الريح .

وقوله تعالى : { لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا } أي : خلق السموات والأرض لنفع عباده الذين خلقهم ليعبدوه وحده لا شريك له ، ولم يخلق ذلك عبثا ، كما قال تعالى : { وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ } [ ص : 27 ] ، {[14502]} وقال تعالى : { أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ } [ المؤمنون : 115 ، 116 ] ، وقال تعالى : { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ } [ الذاريات : 56 ] .

وقوله : { لِيَبْلُوكُمْ } أي : ليختبركم { أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا } ولم يقل : أكثر عملا بل { أَحْسَنُ عَمَلا } ولا يكون العمل حسنا حتى يكون خالصا لله عز وجل ، على شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم . فمتى فقد العمل واحدا من هذين الشرطين بطل وحبط .

وقوله : { وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ } يقول تعالى : ولئن أخبرت يا محمد هؤلاء المشركين أن الله سيبعثهم بعد مماتهم كما بدأهم ، مع أنهم يعلمون أن الله تعالى هو الذي خلق السموات والأرض ، [ كما قال تعالى : { وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ } [ الزخرف : 87 ] ، { وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ ] وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ } [ العنكبوت : 61 ] ، {[14503]} وهم مع هذا ينكرون البعث والمعاد يوم القيامة ، الذي هو بالنسبة إلى القدرة أهون من البداءة ، كما قال تعالى : { وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ } [ الروم : 27 ] ، وقال تعالى : { مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ } [ لقمان : 28 ] وقولهم{[14504]} : { إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ } أي : يقولون كفرا وعنادا ما نصدقك{[14505]} على وقوع البعث ، وما يذكر ذلك{[14506]} إلا من سحرته ، فهو يتبعك على ما تقول .


[14494]:- المسند (4/431).
[14495]:- صحيح البخاري برقم (3190 ، 3191 ، 4365 ، 4386 ، 7418) ولم أعثر عليه في صحيح مسلم.
[14496]:- صحيح مسلم برقم (2653).
[14497]:- في ت ، أ : "أرأيت".
[14498]:- صحيح البخاري برقم (4684).
[14499]:- في ت ، أ : "المتفق".
[14500]:- المسند (4/11) وسنن الترمذي برقم (3109) وسنن ابن ماجه برقم (182).
[14501]:- في ت : "مما".
[14502]:- في أ : "السموات".
[14503]:- زيادة من ت ، أ.
[14504]:- في ت ، أ : "وقوله".
[14505]:- في ت : "ما يصدقك".
[14506]:- في ت : "وما تذكره من ذلك".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ وَكَانَ عَرۡشُهُۥ عَلَى ٱلۡمَآءِ لِيَبۡلُوَكُمۡ أَيُّكُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلٗاۗ وَلَئِن قُلۡتَ إِنَّكُم مَّبۡعُوثُونَ مِنۢ بَعۡدِ ٱلۡمَوۡتِ لَيَقُولَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا سِحۡرٞ مُّبِينٞ} (7)

قال أكثر أهل التفسير : «الأيام » هي من أيام الدنيا ، وقالت فرقة : هي من أيام الآخرة يوم من ألف سنة . قاله كعب الأحبار ، والأول أرجح .

وأجزاء ذكر السماوات عن كل ما فيها إذ كل ذلك خلق في الستة الأيام ، واختلفت الأحاديث في يوم بداية الخلق ، فروي أبو هريرة - فيما أسند الطبري - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيده وقال : «خلق الله التربة يوم السبت والجبال يوم الأحد ، والشجر يوم الاثنين والمكروه يوم الثلاثاء ، والنور يوم الأربعاء ، وبث الدواب يوم الخميس ، وخلق آدم بعد العصر من يوم الجمعة » ، ونحو هذا من أن البداءة يوم السبت في كتاب مسلم ، وفي الدلائل لثابت : وكان خلق آدم في يوم الجمعة ، لا يعتد به إذ هو بشر كسائر بنيه ، ولو اعتد به لكانت الأيام سبعة خلاف ما في كتاب الله ، وروي عن كعب الأحبار أنه قال : بدأ الله خلق السماوات والأرض يوم الأحد ، وفرغ يوم الجمعة ، وخلق آدم في آخر ساعة منه . ونحو هذا في جل الدواوين أن البدأة يوم الأحد ، وقال قوم : خلق الله تعالى هذه المخلوقات في ستة أيام مع قدرته على خلقها في لحظة . نهجاً إلى طريق التؤدة والمهلة في الأعمال ليحكم البشر أعمالهم ، وروي عن ابن عباس أنه قال : كان العرش على الماء ، وكان الماء على الريح{[6268]} .

وقوله تعالى : { ليبلوكم } متعلق ب { خلق } والمعنى أن خلقه إياها كان لهذا وقال بعض الناس : هو متعلق بفعل مضمر تقديره أعلم بذلك ليبلوكم ، ومقصد هذا القائل : أن هذه المخلوقات لم تكن لسبب البشر .

وقرأ عيسى الثقفي{[6269]} : «ولئن قلتُ » بضم التاء ، وقرأ الجمهور «قلتَ » بفتح التاء .

ومعنى الآية : أن الله عز وجل هذه صفاته وهؤلاء بكفرهم في حيز إن قلت لهم : إنهم مبعوثون كذبوا وقالوا : هذا سحر . أي فهذا تناقض منكم إذ كل مفطور يقر بأن الله خالق السماوات والأرض ، فهم من جملة المقرين بهذا ، ومع ذلك ينكرون ما هو أيسر منه بكثير وهو البعث من القبور إذ البداءة أعسر من الإعادة ، وإذ خلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس .

واللام في { لئن } مؤذنة بأن اللام في { ليقولن } لام قسم لا جواب شرط .

وقرأ الأعرج والحسن وأبو جعفر وشيبة وفرقة من السبعة «سحر » وقرأت فرقة «ساحر » وقد تقدم .


[6268]:- الثابت في البخاري عن عمران بن حصين قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاء قوم من بني تميم فقال: (اقبلوا البشرى يا بني تميم)، قالوا بشرتنا فأعطنا، (مرتين)، فدخل ناس من أهل اليمن فقال: (اقبلوا البشرى يأهل اليمن إذ لم يقبلها بنو تميم)، قالوا: قبلنا، جئنا لنتفقه في الدين، ولنسألك عن هذا الأمر ما كان؟ قال: (كان الله ولم يكن شيء غيره، وكان عرشه على الماء، ثم خلق السماوات والأرض، وكتب في الذكر كل شيء)، ثم أتاني رجل فقال: يا عمران أدرك ناقتك فقد ذهبت، فانطلقت أطلبها فإذا هي يقطع دونها السراب، وأيم الله لوددت أنها ذهبت ولم أقم.
[6269]:-هو عيسى بن مروان أبو عمرو الثقفي النحوي البصري، مؤلف الجامع والإكمال مات سنة 149هـ (طبقات الفقراء).