تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ وَكَانَ عَرۡشُهُۥ عَلَى ٱلۡمَآءِ لِيَبۡلُوَكُمۡ أَيُّكُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلٗاۗ وَلَئِن قُلۡتَ إِنَّكُم مَّبۡعُوثُونَ مِنۢ بَعۡدِ ٱلۡمَوۡتِ لَيَقُولَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا سِحۡرٞ مُّبِينٞ} (7)

وقوله تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ ) وما بينهما ( في ستة أيام ) وقال في موضع آخر ( قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ )[ فصلت : 9 ] وقال : ( فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ )[ فصلت : 12 ] وقال : ( وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ )[ فصلت : 10 ] يجوز أن يكون جعل للأرض[ في الأصل وم : الأرض ] يومين يوما لوجودها ويوما لعدمها ، وكذلك السماء جعل يوما لوجودها ويوما لعدمها كقوله : ( يوم تبدل الأرض غير الأرض )الآية[ إبراهيم : 48 ] وكقوله : ( يوم نطوي السماء كطي السجل للكتاب )[ الأنبياء : 104 ] [ وكقوله ][ ساقطة من الأصل وم ] : ( ويوم تشقق السماء بالغمام )[ الفرقان : 25 ] وكذلك ما بينهما ؛ جعل يوما لوجوده ويوما لعدمه ، فيكون اليوم[ في الأصل وم : يوم ] السابع يوم البعث ؛ يكون لكل من [ تلك يومان : يوم لوجودها ويوم ][ في الأصل وم : ذلك يومين يوما لوجودها ويوما ] لعدمها . وقد ذكرنا شيئا في ذلك مما احتمل وسعنا في سورة الأعراف[ المقصود الآية : 45 ] .

وفي الآية دلالة أن السماء والأرض دخلتا تحت الأوقات بقوله : ( في ستة أيام ) إذ الأيام عند الناس إنما هي مضي الأوقات . فإن دخلتا[ في الأصل وم : دخلت ] تحت الأوقات فليستا بأزليتين [ لا ][ ساقطة من الأصل وم ] على ما يقول بعض الملحدة : إنهما[ أزليتان كانتا ][ في الأصل وم : أزليتين كانا ] كذلك ، والله أعلم .

وجائز أن يكون اليوم السابع هو اليوم الذي [ خلق ][ ساقطة من الأصل وم ] الممتحن فيه ، وهو المقصود في خلق ما ذكر من الأشياء ؛ أعني البشر .

وقوله تعالى : ( وكان عرشه على الماء ) إن كان العرش اسم الملك والسلطان على ما قال بعض أهل التأويل فتأويله ، والله أعلم ، كان أظهر ملكه عن الماء [ و( على ) ][ ساقطة من الأصل وم ] بمعنى عن ، وذلك جائز في اللغة ، لأنه بالماء ظهور كل شيء وبدؤه كقوله : ( وجعلنا من الماء كل شيء حي )[ الأنبياء : 30 ] .

وإن كان العرش اسم السرير والكرسي على ما قاله بعض الناس فهو عرش الملك وسريره ؛ خلقه ليكرم به أولياءه ، ليمتحن ملائكته بحمله والخدمة له على ما يكون لملوك الأرض سرر[ في الأصل وم : سرير ] يستخدمون خدمهم في ذلك .

وهو خلق من خلائقه أضافه إليه كما تضاف الأشياء إليه مرة بالإجمال جملة ، ومرة[ الواو ساقطة من الأصل وم ] بالإشارة /236-ب/ والإفراد . ولكن ما أضيف إليه بالإشارة فهو على تعظيم ذلك الشيء ، وما أضيف إليه الأشياء بالإجمال والإرسال فهو على ذكر عظمته وكبريائه كقوله : ( له السموات والأرض )[ البقرة : 107 ] ونحوه ، فيه ذكر سلطانه وعظمته وقوله : ( بيتي للطائفين ) [ البقرة : 125 ][ وقوله ][ ساقطة من الأصل وم ] : ( وأن المساجد لله )[ الجن : 18 ] ونحوه[ أدرج بعدها في الأصل وم : وهو ] يخرج على تعظيم البيت والمساجد ، و الله أعلم .

وقوله تعالى : ( ليبلوكم أيكم أحسن عملا ) أي خلق السموات والأرض وما فيهما للممتحن ، ثم يخلق هذه الأشياء لأنفسها إنما خلقها للممتحن فيها كقوله : ( وسخر لكم ما في الأرض جميعا )[ الجاثية : 13 ] لأن خلقها لأنفسها عبث ، [ لا أنها ][ في الأصل وم : لأنها ] مخلوقة للفناء خاصة . فكل مخلوق للفناء خاصة فهو عبث . لذلك كان ما ذكرنا ، والله أعلم .

وقوله تعالى : ( وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ ) قوله : ( وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ ) هذا القول نفسه ( إنكم مبعوثون من بعد الموت ) ليس [ ما ][ ساقطة من الأصل وم ] يقولون : ( إن هذا إلا سحر مبين ) ولكن إذا أخبرهم أنهم مبعوثون من عبد الموت ، وأقام الحجج والبراهين على البعث ، حينئذ قالوا [ عن حجج ][ في الأصل وم : الحجج ] البعث وبراهينه : ( إن هذا إلا سحر مبين ) .

ويحتمل وجها آخر ، وهو أن يذكر سفههم أنهم اعتادوا نسبة كل شيء إلى السحر حتى الأشياء التي لا تحتمل السحر ، وهي[ في الأصل وم : وهو ] الأخبار لأن السحر في تقليب الأشياء ، وأما في ما يخبر عن شيء يكون فلا .