غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ وَكَانَ عَرۡشُهُۥ عَلَى ٱلۡمَآءِ لِيَبۡلُوَكُمۡ أَيُّكُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلٗاۗ وَلَئِن قُلۡتَ إِنَّكُم مَّبۡعُوثُونَ مِنۢ بَعۡدِ ٱلۡمَوۡتِ لَيَقُولَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا سِحۡرٞ مُّبِينٞ} (7)

1

ثم أكد دلائل قدرته بقوله :{ وهو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء } قال كعب الأحبار : خلق الله ياقوته خضراء ، ثم نظر إليها بالهيبة فصارت ماء يرتعد ، ثم خلق الريح فجعل الماء على متنها ووضع العرض على الماء . وقال أبو بكر الأصم : هذا كقولك : لا سماء إلا على الأرض وليس ذلك على سبيل كون أحدهما ملصقاً بالآخر . وعلى هذا فيكون الآن أيضاً عرشه على الماء . وقال في الكشاف : المراد أنه ما كان تحت العرش خلق سوى الماء ، وفيه دليل على أن العرش والماء كانا مخلوقين قبل السموات والأرض ، وعلى أن الملائكة خلقت قبل العرش والماء ليعتبرا بهما وإلا لزم أن يكون خلقهما قبل أن يعتبر بهما عبثاً إذ لا يتصور عود نفعهما إليه تعالى . وقال أبو مسلم : العرش البناء أي الماء بناؤه للسموات كان على الماء . وقال حكماء الإسلام : المراد بالماء تحركه شبه سيلان الماء أي وكان عرشه يتحرك . وبالجملة مقصود الآية بيان كمال قدرته في إمساك الجرم العظيم على الصغير . أما قوله : { ليبلوكم } فالمعتزلة قالوا : اللام للتعليل ، وذلك أنه خلق هذا العالم الكبير لأجل مصالح المكفلين وأن يعاملهم معاملة المختبر المبتلى لأحوالهم كيف يعملون فيجازي كل فريق بما يستحقه . والأشاعرة قالوا : إن أحكامه غير معللة بالمصالح ومعناه أنه فعل فعلاً لو كان يفعله من يجوز عليه رعاية المصالح لما فعله إلا لهذا الغرض . وإنما علق فعل البلوى لما في الاختبار من معنى العلم لأنه طريق إلى العلم فهو ملابس له كالنظر والاستماع في قولك : انظر أيهم أحسن وجهاً واسمع أيهم أحسن كلاماً . قال في الكشاف : الذين هم أحسن عملاً هم المتقون ، وإنما خصهم بالذكر وطرح ذكر من وارءهم من الفساق والكفار تشريفاً لهم . قلت ويجوز أن يقال إن أحسن بمعنى حسن ليشمل الخطاب جميع المكلفين . ثم لما كان الابتلاء يتضمن حديث البعث أتبع ذلك قوله : { ولئن قلت } الآية . والإشارة في قوله : { إن هذا إلا سحر } إلى البعث أي هو باطل كبطلان السحر أو إلى القرآن لأنه الناطق بالبعث ، فإذا جعلوه سحراً فقد اندرج تحته إنكار ما فيه من العبث . وقال القفال : معناه أن هذا القول خديعة منكم وضعتموها لمنع الناس عن لذات الدنيا واجتذابهم إلى الانقياد لكم والدخول تحت طاعتكم . ومن قرأ { ساحر } فالإشارة إلى النبي صلى الله عليه وسلم .

/خ24