معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلٗا صَٰلِحٗا فَأُوْلَـٰٓئِكَ يُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَيِّـَٔاتِهِمۡ حَسَنَٰتٖۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} (70)

قوله تعالى : { إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً } قال قتادة : إلا من تاب من ذنبه ، وآمن بربه ، وعمل عملاً صالحاً فيما بينه وبين ربه .

أخبرنا أبو سعيد الشريحي ، أنبأنا أبو إسحاق الثعلبي ، أخبرني أبو الحسين بن محمد ابن عبد الله ، حدثنا موسى بن محمد ، حدثنا موسى بن هارون الحمال ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن الشافعي ، حدثنا عبد الله بن رجاء عن عبيد الله بن عمر ، عن علي بن زيد ، عن يوسف بن محمد بن مهران ، عن ابن عباس ، قال : " قرأناها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم سنتين : { والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر } الآية ، ثم نزلت : { إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا } فما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فرح بشيء قط كفرحه بها وفرحه بإنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر " . { فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً } فذهب جماعة إلى أن هذا التبديل في الدنيا ، قال ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، والحسن ، ومجاهد ، والسدي ، والضحاك : يبدلهم الله بقبائح أعمالهم في الشرك محاسن الأعمال في الإسلام ، فيبدلهم بالشرك إيماناً ، وبقتل المؤمنين قتل المشركين ، وبالزنا عفة وإحصاناً . وقال قوم : يبدل الله سيئاتهم التي عملوها في الإسلام حسنات يوم القيامة ، وهو قول سعيد بن المسيب ، ومكحول ، يدل عليه ما : أخبرنا أبو محمد بن عبد الصمد الجوزجاني ، أنبأنا أبو القاسم علي بن أبي أحمد الخزاعي ، أنبأنا الهيثم بن كليب ، أنبأنا أبو عيسى الترمذي ، حدثنا أبو عمار الحسين بن خريت ، حدثنا وكيع ، حدثنا الأعمش ، عن المعرور بن سويد ، عن أبي ذر قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إني لأعلم آخر رجل يخرج من النار ، يؤتى به يوم القيامة فيقال : اعرضوا عليه صغار ذنوبه ، ويخبأ عنه كبارها ، فيقال له عملت يوم كذا وكذا كذا وكذا ، وهو مقر لا ينكر ، وهو مشفق من كبارها ، فيقال : أعطوه مكان كل سيئة عملها حسنة ، فيقول : رب إن لي ذنوباً ما أراها ها هنا ، قال أبو ذر : لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه " . وقال بعضهم : إن الله عز وجل يمحو بالندم جميع السيئات ، ثم يثبت مكان كل سيئة حسنة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلٗا صَٰلِحٗا فَأُوْلَـٰٓئِكَ يُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَيِّـَٔاتِهِمۡ حَسَنَٰتٖۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} (70)

{ إِلَّا مَنْ تَابَ } عن هذه المعاصي وغيرها بأن أقلع عنها في الحال وندم على ما مضى له من فعلها وعزم عزما جازما أن لا يعود ، { وَآمَنَ } بالله إيمانا صحيحا يقتضي ترك المعاصي وفعل الطاعات { وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا } مما أمر به الشارع إذا قصد به وجه الله .

{ فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ } أي : تتبدل أفعالهم وأقوالهم التي كانت مستعدة لعمل السيئات تتبدل حسنات ، فيتبدل شركهم إيمانا ومعصيتهم طاعة وتتبدل نفس السيئات التي عملوها ثم أحدثوا عن كل ذنب منها توبة وإنابة وطاعة تبدل حسنات كما هو ظاهر الآية .

وورد في ذلك حديث الرجل الذي حاسبه الله ببعض ذنوبه فعددها عليه ثم أبدل مكان كل سيئة حسنة فقال : : يا رب إن لي سيئات لا أراها هاهنا " والله أعلم .

{ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا } لمن تاب يغفر الذنوب العظيمة { رَحِيمًا } بعباده حيث دعاهم إلى التوبة بعد مبارزته بالعظائم ثم وفقهم لها ثم قبلها منهم .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلٗا صَٰلِحٗا فَأُوْلَـٰٓئِكَ يُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَيِّـَٔاتِهِمۡ حَسَنَٰتٖۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} (70)

وقوله : { إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ [ عَمَلا ] صَالِحًا } {[21620]} أي : جزاؤه على ما فعل من هذه الصفات القبيحة ما ذكر { إِلا مَنْ تَابَ } في الدنيا إلى الله{[21621]} من جميع ذلك ، فإن الله يتوب عليه .

وفي ذلك دلالة على صحة توبة القاتل ، ولا تعارض{[21622]} بين هذه وبين آية النساء : { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا } [ النساء : 93 ] فإن هذه

وإن كانت مدنية إلا أنها مطلقة ، فتحمل على من لم يتب ، لأن هذه مقيدة بالتوبة ، ثم قد قال [ الله ]{[21623]} تعالى : { إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ } [ النساء : 48 ، 116 ] .

وقد ثبتت السنة الصحيحة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بصحة توبة القاتل ، كما ذكر مقررا من قصة الذي قتل مائة رجل ثم تاب ، وقبل منه ، وغير ذلك من الأحاديث .

وقوله : { فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } : في معنى قوله : { يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ } قولان :

أحدهما : أنهم بدلوا مكان عمل السيئات بعمل الحسنات . قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : { فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ } قال : هم المؤمنون ، كانوا من قبل إيمانهم على السيئات ، فرغب الله بهم عن ذلك فحوَّلهم إلى الحسنات ، فأبدلهم مكان السيئات الحسنات .

وروى مجاهد ، عن ابن عباس أنه كان ينشد عند هذه الآية :

بُدّلْنَ بَعْدَ حَرِّهِ خَريفا{[21624]} *** وَبَعْدَ طُول النَّفَس الوَجيفَا{[21625]}

يعني : تغيرت تلك الأحوال إلى غيرها .

وقال عطاء بن أبي رباح : هذا في الدنيا{[21626]} ، يكون الرجل على هيئة قبيحة ، ثم يبدله الله بها خيرا .

وقال سعيد بن جبير : أبدلهم بعبادة الأوثان عبادة الله ، وأبدلهم{[21627]} بقتال المسلمين قتالا مع المسلمين للمشركين ، وأبدلهم بنكاح المشركات نكاح المؤمنات .

وقال الحسن البصري : أبدلهم الله بالعمل السيئ العمل الصالح ، وأبدلهم بالشرك إخلاصا ، وأبدلهم بالفجور إحصانا وبالكفر إسلاما .

وهذا قول أبي العالية ، وقتادة ، وجماعة آخرين .

والقول الثاني : أن تلك السيئات الماضية تنقلب بنفس التوبة النصوح حسنات ، وما ذاك إلا أنه كلما تذكر ما مضى ندم واسترجع واستغفر ، فينقلب الذنب طاعة بهذا الاعتبار . فيوم القيامة وإن وجده مكتوبا عليه لكنه لا يضره وينقلب حسنة في صحيفته ، كما ثبتت السنة بذلك ، وصحت به الآثار المروية عن السلف ، رحمهم الله تعالى - وهذا سياق الحديث - قال الإمام أحمد :

حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن المعرور بن سُوَيْد ، عن أبي ذر ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني لأعرف آخر أهل النار خروجا من النار ، وآخر أهل الجنة دخولا إلى الجنة : يؤتى برجل فيقول : نَحّوا كبار ذنوبه وسلوه عن صغارها ، قال : فيقال له : عملت يوم كذا وكذا كذا ، وعملت يوم كذا وكذا كذا ؟ فيقول : نعم - لا يستطيع أن ينكر من ذلك شيئا -

فيقال : فإن لك بكل سيئة حسنة . فيقول : يا رب ، عملت أشياء لا أراها هاهنا " . قال : فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه . وانفرد به مسلم{[21628]} .

وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني : حدثنا هاشم بن يزيد ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثني أبي ، حدثني ضَمْضَم بن زرعة ، عن شُرَيْح بن عبيد{[21629]} عن أبي مالك الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا نام ابن آدم قال الملك للشيطان : أعطني صحيفتك . فيعطيه إياها ، فما وجد في صحيفته من حسنة محا بها عشر سيئات من صحيفة الشيطان ، وكتبهن حسنات ، فإذا أراد أن ينام أحدكم فليكبر ثلاثًا وثلاثين تكبيرة ، ويحمد أربعا وثلاثين تحميدة ، ويسبح ثلاثًا وثلاثين تسبيحة ، فتلك مائة " {[21630]} .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أبو سلمة وعارم قالا حدثنا ثابت - يعني : ابن يزيد أبو زيد - حدثنا عاصم ، عن أبي عثمان ، عن سلمان قال : يعطى رجل يوم القيامة صحيفته فيقرأ أعلاها ، فإذا سيئاته{[21631]} ، فإذا كاد{[21632]} يسوء ظنه نظر{[21633]} في أسفلها فإذا حسناته ، ثم ينظر في أعلاها فإذا هي قد بدلت حسنات .

وقال أيضا : حدثنا أبي ، حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا سليمان بن موسى الزهري أبو داود ، حدثنا أبو العَنْبَس ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : ليأتين الله عز وجل بأناس{[21634]} يوم القيامة رأوا أنهم قد استكثروا من السيئات ، قيل : مَنْ هم يا أبا هريرة ؟ قال : الذين يبدل الله سيئاتهم حسنات .

وقال أيضا : حدثنا أبي ، حدثنا عبد الله بن أبي زياد ، حدثنا سَيَّار ، حدثنا جعفر ، حدثنا أبو حمزة ، عن أبي الضيف - وكان من أصحاب معاذ بن جبل - قال : يدخل أهل الجنة الجنة على أربعة أصناف : المتقين ، ثم الشاكرين ، ثم الخائفين ، ثم أصحاب اليمين . قلت : لِمَ سموا أصحاب اليمين ؟ قال : لأنهم عملوا الحسنات{[21635]} والسيئات ، فأعطوا كتبهم بأيمانهم ، فقرؤوا سيئاتهم حرفا حرفا - قالوا : يا ربنا ، هذه سيئاتنا ، فأين حسناتنا ؟ . فعند ذلك محا الله السيئات وجعلها حسنات ، فعند ذلك قالوا : ( هاؤم اقرؤوا كتابيه ) ، فهم أكثر أهل الجنة .

وقال علي بن الحسين زين العابدين : { يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ } قال : في الآخرة .

وقال مكحول : يغفرها لهم فيجعلها حسنات : [ رواهما ابن أبي حاتم ، وروى ابن جرير ، عن سعيد بن المسيب مثله ]{[21636]} .

قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن الوزير الدمشقي ، حدثنا الوليد بن مسلم ،

حدثنا أبو{[21637]} جابر ، أنه سمع مكحولا يحدث قال : جاء شيخ كبير هرم قد سقط{[21638]} حاجباه على عينيه ، فقال : يا رسول الله ، رجل غدر وفجر ، ولم يدع حاجة ولا داجة إلا اقتطعها بيمينه ، لو قسمت خطيئته بين أهل الأرض لأوبقتهم ، فهل له من توبة ؟ فقال له رسول الله{[21639]} صلى الله عليه وسلم : " أسلمتَ ؟ " قال{[21640]} : أما أنا فأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن{[21641]} محمدًا عبده ورسوله . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " فإن الله غافر لك ما كنت كذلك ، ومبدل{[21642]} سيئاتك حسنات " . فقال : يا رسول الله ، وغَدَراتي وفَجَراتي ؟ فقال : " وغَدرَاتك وفَجَراتك " . فَوَلّى الرجل يهلل ويكبر{[21643]}-{[21644]} .

وروى الطبراني من حديث أبي المغيرة ، عن صفوان بن عَمْرو{[21645]} ، عن عبد الرحمن بن جبير ، عن أبي فَرْوَةَ - شَطْب - أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أرأيت رجلا عمل الذنوب كلها ، ولم يترك حاجة ولا داجة ، فهل له من توبة ؟ فقال : " أسلمتَ ؟ " فقال : نعم ، قال : " فافعل الخيرات ، واترك السيئات ، فيجعلها{[21646]} الله لك خيرات كلها " . قال : وغَدرَاتي وفَجَراتي ؟ قال : " نعم " . قال فما زال يكبر حتى توارى{[21647]} .

ورواه الطبراني من طريق أبي فَروة الرهاوي ، عن ياسين الزيات ، عن أبي سلمة الحِمْصي ، عن يحيى بن جابر ، عن سلمة بن نفيل مرفوعًا{[21648]} .

وقال أيضًا : حدثنا أبو زُرْعة ، حدثنا إبراهيم بن المنذر ، حدثنا عيسى بن شعيب بن ثوبان ، عن فُلَيْح الشماس ، عن عبيد بن أبي عبيد{[21649]} عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : جاءتني امرأة فقالت : هل لي من توبة ؟ إني زنيت وولدت وقتلته . فقلت{[21650]} لا ولا نَعمت العين ولا كرامة . فقامت وهي تدعو بالحسرة . ثم صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم الصبح ، فقصصت عليه ما قالت المرأة وما قلت لها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بئسما قلت ! أما كنت تقرأ هذه الآية : { وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ } إلى قوله : { إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } فقرأتها عليها . فخرَّت ساجدة وقالت : الحمد لله الذي جعل لي مخرجًا .

هذا حديث غريب من هذا الوجه ، وفي رجاله مَنْ لا يُعرف والله أعلم . وقد رواه ابن جرير من حديث إبراهيم بن المنذر الحزَامي بسنده بنحوه ، وعنده : فخرجت تدعو بالحسرة وتقول : يا حسرتا ! أخلق هذا الحسن للنار ؟ وعنده أنه لما رجع من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، تَطَلَّبها{[21651]} في جميع دور المدينة فلم يجدها ، فلما كان من الليلة المقبلة جاءته ، فأخبرها بما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فخرت ساجدة ، وقالت : الحمد لله الذي جعل لي مخرجًا وتوبة مما عملت . وأعتقت جارية كانت معها وابنتها ، وتابت إلى الله عز وجل{[21652]}


[21620]:- زيادة من ف ، وهو الصواب.
[21621]:- في ف : "إلى الله في الدنيا".
[21622]:- في أ : "ولا معارض".
[21623]:- زيادة من ف ، أ.
[21624]:- في أ : "صريفا".
[21625]:- البيت في تفسير الطبري (19/30).
[21626]:- في أ : "هذا يكون في الدنيا".
[21627]:- في ف : "وبدلهم".
[21628]:- المسند (5/170) وصحيح مسلم برقم (190).
[21629]:- في ف ، أ : "عبدة".
[21630]:- المعجم الكبير للطبراني (3/296) قال الهيثمي في المجمع (10/121) "فيه محمد بن إسماعيل بن عياش وهو ضعيف" ولم يثبت سماعه عن أبيه أيضا.
[21631]:- في أ : "إساءته".
[21632]:- في أ : "كان".
[21633]:- في أ : "ينظر".
[21634]:- في أ : "أناس".
[21635]:- في أ : "بالحسنات".
[21636]:- زيادة من ف ، أ.
[21637]:- في أ : "ابن".
[21638]:- في أ : "أسقطت".
[21639]:- في أ : "النبي".
[21640]:- في أ : "فقال".
[21641]:- في أ : "وأشهد أن".
[21642]:- في أ : "ويبدل".
[21643]:- في ف ، أ : "يكبر ويهلل".
[21644]:- وقد وصله الإمام أحمد في مسنده (4/384) من طريق نوح بن قيس عن أشعث بن جابر الحداني عن مكحول عن عمرو بن عبسة به مرفوعا باختصار في أوله وآخره ، وقال الهيثمي في المجمع (1/32) : "رجاله موثقون إلا أنه من رواية مكحول عن عمرو بن عبسة ، فلا أدري أسمع منه أم لا".
[21645]:- في أ : "عمر".
[21646]:- في ف ، أ : "فيجعلهم".
[21647]:- المعجم الكبير للطبراني (7/314) ورواه الخطيب في تاريخ بغداد (3/352) من طريق أبي القاسم البغوي عن محمد بن هارون الحربي عن أبي المغيرة به. وقال أبو القاسم البغوي : "روى هذا الحديث غير محمد بن هارون عن أبي المغيرة عن صفوان عن عبد الرحمن بن جبير : أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم طويلا شطب الممدود ، وأحسب أن محمد بن هارون صحف فيه ، والصواب ما قال غيره".
[21648]:- المعجم الكبير للطبراني (7/53) وقال الهيثمي في المجمع (1/31) : "في إسناده ياسين الزيات يروي الموضوعات".
[21649]:- في هـ ، ف ، أ : "عن فليح بن عبيد بن أبي عبيد الشماس عن أبيه" والمثبت من الطبري.
[21650]:- في أ : "فقال".
[21651]:- في ف : "فطلبها".
[21652]:- تفسير الطبري (19/27) ورواه ابن مردويه كما في الدر المنثور (6/279) وقال السيوطي : "إسناده ضعيف".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلٗا صَٰلِحٗا فَأُوْلَـٰٓئِكَ يُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَيِّـَٔاتِهِمۡ حَسَنَٰتٖۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} (70)

{ إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات } بأن يمحو سوابق معاصيهم بالتوبة ويثبت مكانها لواحق طاعتهم ، أو يبدل ملكة المعصية في النفس بملكة الطاعة . وقيل بأن يوفقه لأضداد ما سلف منه ، أو بأن يثبت له بدل كل عقاب ثوابا . { وكان الله غفورا رحيما } فلذلك يعفو عن السيئات ويثبت على الحسنات .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلٗا صَٰلِحٗا فَأُوْلَـٰٓئِكَ يُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَيِّـَٔاتِهِمۡ حَسَنَٰتٖۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} (70)

وقوله { إلا من تاب } الآية لا خلاف بين العلماء أن الاستثناء عامل في الكافر والزاني واختلفوا في القاتل من المسلمين ، فقال جمهور العلماء له التوبة وجعلت هذه الفرقة قاعدتها قوله تعالى : { ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء }{[8884]} [ النساء : 48 ] فجعل القاتل في المشيئة كسائر التائبين من الذنوب ، ويتأولون الخلود الذي في آية القتل في سورة النساء{[8885]} بمعنى الدوام إلى مدة كخلد الدول ونحوه ، وروى أبو هريرة في أن التوبة لمن قتل حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم{[8886]} ، وقيل إن هذه الآية نزلت في وحشي قاتل حمزة ، وقاله سعيد بن جبير ، وقال ابن عباس وغيره لا توبة للقاتل ، قال ابن عباس وهذه الآية إنما أريد بالتوبة فيها المشركون وذلك أنها لما نزلت { إلا من تاب } الآية ، ونزلت { قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله }{[8887]} [ الزمر : 53 ] ، فما رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فرح فرحه بها وبسورة الفتح{[8888]} ، وقال غير ابن عباس ممن قال بأن لا توبة للقاتل إن هذه الآية منسوخة بآية سورة النساء قاله زيد بن ثابت ، ورواه أيضاً سعيد بن جبير عن ابن عباس ، وقال أبو الجوزاء صحبت ابن عباس ثلاث عشرة سنة فما شيء من القرآن إلا سألته عنه فما سمعته يقول إن الله تعالى يقول لذنب لا أغفره وقوله تعالى : { يبدل الله سيئاتهم حسنات } .

معناه يجعل أعمالهم بدل معاصيهم الأول طاعة فيكون ذلك سبباً لرحمة الله إياهم قاله ابن عباس وابن جبير وابن زيد والحسن ، ورد على من قال هو في يوم القيامة ، وقد ورد حديث في كتاب مسلم من طريق أبي يقتضي أن الله تعالى يبدل يوم القيامة لمن يريد المغفرة من الموحدين بدل سيئات حسنات ، وذكره الترمذي والطبري وهذا تأويل ابن المسيب في هذه الآية .

قال القاضي أبو محمد : وهو معنى كرم العفو ، وقرأ ابن أبي عبلة «يبْدِل » بسكون الباء وتخفيف الدال .


[8884]:من الآية 48 من سورة النساء. وتكررت في الآية 116 من السورة نفسها.
[8885]:وهي قوله تعالى في الآية 93: {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما}.
[8886]:الحديث الذي يشير إليه أخرجه ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه بسند ضعيف عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العتمة ثم انصرفت، فإذا امرأة عند بابي، فقالت: جئتك أسألك عن عمل عملته هل ترى لي منه توبة؟ قلت: وما هو.؟ قالت: زنيت وولد لي وقتلته. قلت: لا ولا كرامة، فقامت وهي تقول: واحسرتاه، أيخلق هذا الجسد للنار؟ فلما صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم الصبح من تلك الليلة قصصت عليه أمر المرأة، قال: وما قلت لها؟ قلت: لا ولا كرامة، قال: بئس ما قلت، أما كنت تقرأ هذه الآية {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر...} إلى قوله: {إلا من تاب} الآية، قال أبو هريرة: فخرجت فما بقيت دار بالمدينة ولا خطة إلا وقفت عليها فقلت: إن كانت فيكم المرأة التي جاءت أبا هريرة فلتأت ولتبشر، فلما انصرفت من العشي إذا هي عند بابي، فقلت: أبشري، إني ذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم ما قلت وما قلت لك فقال: بئس ما قلت، أما كنت تقرأ هذه الآية؟ وقرأتها عليها، فخرت ساجدة وقالت: أحمد الله الذي جعل لي توبة ومخرجا، أشهد أن هذه الجارية (لجارية معها وابن لها) حران لوجه الله، وإني قد تبت مما عملت.
[8887]:من الآية 53 من سورة الزمر.
[8888]:أخرجه بلفظ آخر في أوله ابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلٗا صَٰلِحٗا فَأُوْلَـٰٓئِكَ يُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَيِّـَٔاتِهِمۡ حَسَنَٰتٖۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} (70)

الاستثناء من العموم الذي أفادته { مَن } الشرطية في قوله : { ومَن يفعل ذلك } [ الفرقان : 68 ] . والتقدير : إلاّ مَن تاب فلا يضاعف له العذاب ولا يخلد فيه ، وهذا تطمين لنفوس فريق من المؤمنين الذين قد كانوا تلبسوا بخصال أهل الشرك ثم تابوا عنها بسبب توبتهم من الشرك ، وإلا فليس في دعوتهم مع الله إلهاً آخر بعد العنوان عنهم بأنهم عباد الرحمن ثناءٌ زائد .

وفي « صحيح مسلم » : عن ابن عباس « أن ناساً من أهل الشرك قَتلوا فأكثروا وزَنَوا فأكثروا ، فأتوا محمداً صلى الله عليه وسلم فقالوا : إن الذي تقول وتدعو إليه لَحسن لو تخبرنا أن لما عملنا كفارةً فنزلت : { والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر } [ الفرقان : 68 ] الآية ، والمعنى : أنه يعفى عنه من عذاب الذنوب التي تاب منها ، ولا يخطر بالبال أنه يعذب عذاباً غير مضاعف وغيرَ مخلَّد فيه ، لأن ذلك ليس من مجاري الاستعمال العربي بل الأصل في ارتفاع الشيء المقيَّد أن يقصد منه رفعه بأسره لا رفع قيوده ، إلاّ بقرينة .

والتوبة : الإقلاع عن الذنب ، والندمُ على ما فرط ، والعزم على أن لا يعود إلى الذنب ، وإذْ كان فيما سَبق ذكرُ الشرك فالتوبة هنا التلبس بالإيمان ، والإيمان بعد الكفر يوجب عدم المؤاخدة كما اقترفه المشرك في مدة شركه كما في الحديث " الإسلام يجُبّ ما قبله " ، ولذلك فعطف { وآمن } على { من تاب } للتنويه بالإيمان ، وليبنى عليه قوله : { وعمل عملاً صالحاً } وهو شرائع الإسلام تحريضاً على الصالحات وإيماء إلى أنها لا يعتد بها إلا مع الإيمان كما قال تعالى في سورة البلد ( 17 ) { ثم كان من الذين آمنوا } ، وقال في عكسه { والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً } [ النور : 39 ] .

وقتل النفس الواقع في مدة الشرك يجبُّه إيمان القاتل لأجل مزية الإيمان ، والإسلام يجُبّ ما قبله بلا خلاف ، وإنما الخلاف الواقع بين السلف في صحة توبة القاتل إنما هو في المؤمن القاتل مؤمناً متعمداً . ولما كان مما تشمله هذه الآية لأن سياقها في الثناء على المؤمنين فقد دلت الآية على أن التوبة تمحو آثام كل ذنب من هذه الذنوب المعدودة ومنها قتل النفس بدون حقّ وهو المعروف من عمومات الكتاب والسنة . وقد تقدم ذلك مفصلاً في سورة النساء ( 93 ) عند قوله تعالى : { ومَن يقتُل مؤمناً متعمّداً } الآية .

وفُرع على الاستثناء الذين تابوا وآمنوا وعملوا عَملاً صالحاً أنهم يبدل الله سيئاتهم حسنات ، وهو كلام مسوق لبيان فضل التوبة المذكورة التي هي الإيمان بعد الشرك لأن من تاب } مستثنى مِن { مَنْ يَفْعَلْ ذلك } [ الفرقان : 68 ] فتعيّن أن السيئات المضافة إليهم هي السيئات المعروفة ، أي التي تقدم ذكرها ، الواقعةُ منهم في زمن شركهم .

والتبديل : جعل شيء بَدَلاً عن شيء آخر ، وتقدم عند قوله تعالى : { ثم بَدَّلْنا مكان السيئة الحسنة } في سورة الأعراف ( 95 ) ، أي يجعل الله لهم حسنات كثيرة عوضاً عن تلك السيئات التي اقترفوها قبل التوبة وهذا التبديل جاء مجملاً وهو تبديل يكون له أثر في الآخرة بأن يعوضهم عن جزاء السيئات ثوابَ حسنات أضدادِ تلك السيئات ، وهذا لفضل الإيمان بالنسبة للشرك ولفضل التوبة بالنسبة للآثام الصادرة من المسلمين .

وبه يظهر موقع اسم الإشارة في قوله : { فأولئك } المفيد التنبيه على أنهم أحرياء بما أخبر عنهم به بعد اسم الإشارة لأجل ما ذكر من الأوصاف قبل اسم الإشارة ، أي فأولئك التائبون المُؤمنون العاملون الصالحات في الإيمان يبدّل الله عقاب سيئاتهم التي اقترفوها من الشرك والقتل والزنا بثواب . ولم تتعرض الآية لمقدار الثواب وهو موكول إلى فضل الله ، ولذلك عُقب هذا بقوله : { وكان الله غفوراً رحيماً } المقتضي أنه عظيم المغفرة .