تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلٗا صَٰلِحٗا فَأُوْلَـٰٓئِكَ يُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَيِّـَٔاتِهِمۡ حَسَنَٰتٖۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} (70)

{ يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه } يعنى في العذاب { مهانا } [ آية :69 ] يعنى يهان فيه .

نزلت بمكة ، فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، كتب وحشي بن جبيش غلام المطعم عدة ابن نوفل بن عبد مناف ، إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد ما قتل حمزة : هل لي من توبة وقد أشركت وقتلت وزنيت ؟ فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله فيه بعد سنتين .

فقال سبحانه : { إلا من تاب } من الشرك { وآمن } يعنى وصدق بتوحيد الله عز وجل دوعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله } يعنى يحول الله عز وجل { سيئاتهم حسنات } والتبديل من العمل السيئ إلى العمل الصالح { وكان الله غفورا } لما كان في الشرك { رحيما } [ آية :70 ] به في الإسلام ، فأسلم وحشي ، وكان وحشي قد قتل حمزة بن عبد المطلب عليه السلام بوم أحد ، ثم أسلم ، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم ، فخرب مسجد المنافقين ، ثم قتل مسيلمة الكذاب باليمامة على عهد أبي بكر الصديق ، رضي الله عنه ، فكان وحشي يقول : أنا الذي قتلت خير الناس يعنى حمزة وأنا الذي قتلت شر الناس ، يعنى مسيلمة الكذاب ، فلما قبل الله عز وجل توبة وحشي ، قال كفار مكة : كلنا قد عمل عمل وحشي ، فقد قبل الله عز وجل توبته ، ولم ينزل فينا شيء فأنزل الله عز وجل في كفار مكة : { يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا } [ الزمر :35 ] في الإسلام ، يعنى بالإسراف الذنوب العظام الشرك والقتل والزنا ، فكان بين هذه الآية : { ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق } [ الفرقان :68 ] إلى آخر الآية ، وبين الآية التي في النساء : { ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم } [ النساء :93 ] إلى آخر الآية ، ثماني سنين .